الباب السّتّون في ذكر الأوقات المحمودة للنّوء والمطر وسائر الأفعال ، وذكر ما يتطيّر منه أو يستدفع الشّر به اعلم أنّ العرب تحمد الولد إذا ولد في الهلال ، فإن حملته في قبل الطَّهر كان ذلك أعجب إليها ، ولذلك قالت الفارعة أخت لقمان بن عاديا لإمرأة إني امرأة نزور وزوجي رجل محمق ، وأنا في ليلة طهري ، فهي لي ليلتك ، واسميني على فراشك فإذا رجع لقمان من عند الشّرب ثملا ، فوجدني على فراشك وقع عليّ ، وهو رجل منجب فعسى أن ألد منه ابنا نجيبا ، فأجابتها إلى ذلك ، فوقع عليها لقمان فحبلت بلقيم بن لقمان . ولذلك قال النّمر بن تولب لقيم بن لقمان : فإنّ ولدته قبل النّهار كان ذلك الغاية . قال :
ولدت في الهلال من قبل الطَّهر * وقد لاح للصّباح بشير
وقال الرّاعي :
و ما أمّ عبد اللَّه إلَّا عطية * من اللَّه أعطاها امرأ فهو شاكر هي الشّمس وافاها الهلال فنسلها * نجوم بآفاق السّماء نظائر
والمنجّمون يزعمون أنّ الهلال نحس ، ونحن نجد عامة حاجات النّاس إنما تجزئ مع الأهلة منها التاريخات كلَّها ، ومحل الدّيون ، وفراغ الصّناع والتّجار ، ويوم الفطر ، وآجال المستغلات ، وقدوم الولاة ، وزيادة المد ، ونقصان الجزر ، ما بين الصّيبين إلى المزار ، والمواعيد ، والإجارات ، وأكثر الحيض الذي جعله اللَّه مصحة أبدان النساء . ثم نزول الغيث الذي نشر اللَّه به رحمته فأحيا به الأرض بعد موتها ، وفي حياتها حياة من عليها ولأسد بن ناغضة جاهلي في شأن عبيد بن الأبرص شعر :
غداة توخّى الملك يلتمس الحيا * فصادت نحسا كان كالدّبران
وللأسود بن يعفر يهجو رجلا :
ولدت بحادي النّجم يحدو قرينه * وبالقلب قلب العقرب المتوفّر