الباب التّاسع والثلاثون في السّير ، والنّعاس ، والميح ، والاستقاء وورود المياه قال لبيد شعرا :
و مجود من صبابات الكدى * عاطف النّمرق صدق المبتذل قال : هجدنا فقد طال السّرى * وقدرنا إن خنا العيش غفل قل ما عرس حتى هجته * بالتّباشير من الصّبح الأول يلمس الأحلاس في منزله * بيديه كاليهوديّ المصل يتمارى في الذي قلت له * ولقد يسمع قولي حين هل
( المجود ) : أصله الذي قد مطر جودا وجعله عاطف النّمرق لانثنانه في النّعاس وتمايل ، ومعنى صدق المبتذل : إذا ابتذل نفسه للعمل كان صلبا ، ومعنى ( هجدنا ) : نومنا يريد أنّ السّير قد امتد واتّصل وأنّهم مالكون لورود المقصد إن سلموا من آفات العيش ، وجعله لامسا لحلسه كاليهودي في صلوته لزوال تماسكه ، وغلبة التّوابد قوله : ( يتمارى ) يبين به زوال تحصيله فهو شاك فيما يدركه بسمعه وإن كان مميز الماء يخاطب به أبا حية النّميري :
و أغيد من طول السّرى برحت به * أفانين مضاء على الأسّ مرجم سريت به حتّى إذا ما تمزّقت * توالى الدّجى عن واضح اللَّون معلم أنخنا فلمّا أفرغت في لسانه * وعينيه كأس السّحر قلت له قم يودّ بوسطى الخمس منه لو أنّنا * رحلنا وقلنا في المناخ له نم حظاء الكره مغلوبا كأنّ لسانه * بمارد من رجع لسان مرسم
ذكر ابن الأعرابي أنّ عقيل بن علقة خرج في سفر ومعه ابنه عملس وابنته الحرباء فقال شعرا :
قضت وطرا من دير أروى وربّما * على عجل ناطحته بالجماجم