responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الازمنه والامكنه نویسنده : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    جلد : 1  صفحه : 19


الباب الأول [ في تعظيم شأن القرآن وفصل بيانه بالنّظم العجيب والتّأليف الرّصيف ] اعلم أنّ اللَّه تعالى عظَّم شأن القرآن ، وفصل بيانه بالنّظم العجيب والتّأليف الرّصيف على سائر الكلام ، وإن وافقه في مبانيه ، ومعانيه ثم أودعه من صنوف الحكم ، وفنون الآداب والعذر ، وجوامع الأحكام والسير ، وطرائف الأمثال والعبر ، ما لا يقف على كنهه ذوو القرائح الصّافية ، ولا في بعد فوائده أو لو المعارف الوافية ، وإن تلاحقت آلاتهم ، وتوافقت أسباب التّفهم والافهام فيهم ، فترى المشتغل به المتأمّل له ، وقد صرف فكره إليه ، وقصر ذكره عليه ، قد يجد نفسه أحيانا فيه بصورة من لم يكن سمعه ، أو كان بعد السّماع نسيه استغرابا لمراسمه ، واستجلاء لمعالمه ، وذلك أنه تعالى لما أنزله ليفتتح بتنزيله التّحدي به إلى الأبد ، ويختتم بترتيله وآدابه البذارة إلى انقضاء السّند ، على ألسن الرّسل ، جعله من التّنبيهات الجليّة والخفيّة ، والدّلالات الظَّاهرة والباطنة ما قد استوى في إدراك الكثير منها العالم بالمقلد ، والمتدبّر ، والمهمل .
و إن كان في أثنائه أغلاق لا تنفتح الأشياء بعد شيء بأفهام ثاقبة ، وفي أزمان متباينة ، ليتّصل أمد الإعجاز به إلى الأجل المضروب لسقوط التكَّليف ، ولتجدّد في كل أوان بعوائده وفوائده ما يهيج له بواعث الأفكار ، ونتائج الاعتبار ، فيتبيّن ثناؤه الرّاسخ المتثبّت ، والنّاظر المتدبّر عن قصور الزّائغ المتطرّف وتقصير الملول الطَّرف . لذلك اختلفت الفرق ، واستحدثت المذاهب والطَّرق ، فكلّ يطلب برهانه على صحة ما يراه منه ، وإن ضلّ عن سواء السّبيل من ضلّ لسوء نظره وفساد تأنّيه ، وعدو له عن منهاج الصّحابة والتّابعين وصالحي الأسلاف ، فلما كان أمر القرآن الحكيم على ما وصفت ، وكان اللَّه تعالى فيما شرع من دينه وحدّ عليه من عبادته ، ودعا إليه من تبيّن صنعه وتنبّه ما أقامه من أدلَّته . قال : * ( خَلَقَ الله السَّماواتِ والأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ) * [ سورة العنكبوت ، الآية : 44 ] مبيّنا أنه اخترعها بما يشتمل عليه حقا لا باطلا وحتمالا عبثا لتوفّر على طوائف خلقه منافعها ، ومثبتها من يصدق بالرّسل ، ويميز جوامع الكلم على بعد غورها في قضايا التّحصيل وتراجع الأفهام ، والأوهام عن تقصي مأخذها بأوائل التّكليف .

نام کتاب : الازمنه والامكنه نویسنده : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    جلد : 1  صفحه : 19
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست