responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الازمنه والامكنه نویسنده : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    جلد : 1  صفحه : 107


فماذا يعمل بجوهر لا فاعل ولا منفعل ؟ ! ولم يضع الأرواح المقدّسة قبالة الأرواح الفاسدة ، ولم يحدث العلة من غير نقص ولا آفة ولم يذكر شيئا ليس فيه جدوى ولا ثمرة وهذا الفصل إذا أعطي مستحقّه من التّأمل ظهر منه ما يسقط به سخيف كلامهم ، وإن لم يكن مورده مورد الحجاج عليهم .
أ لا ترى أنّ من لم يثبت القديم تعالى فيما لم يزل واحدا لا ثاني له ، وعالما بالأشياء قبل كونها وبعده ، وقادرا على كل ما يصح أن يكون مقدورا ، وحيا لا آفة به ، وغنيا لا حاجة به إلى غيره في شيء من إرادته ، وحكيما لا يبدو له في كل ما يأتيه ويفعله ، فننقل إلى ما هو أعلى منه ، بل لا يفعل إلا ما هو حسن وواجب في الحكمة والصوّاب ، فقد جعله قاصرا ناقصا ، تعالى اللَّه وجلّ عن صفات المخلوقين ، وهذا كما أنّ من الواجب أن يعلم أنّ القديم لو لم يبدع العالم أصلا لاستحال أن يتوقّف على وجوده ، أو يتوصل إلى إثباته ، لأن ذاته لم تكن ظاهرة للعيان ، ولا مستدركا بالحواس ، وأنّ الشيء قد يصح إثباته من طريق أفعاله كما يصح إثباته من جهة ذاته ، والأسباب وإن كانت متقدمة لمسبباتها بالوجود فلا يمتنع أن يكون في العقول أسبق إلى الوضوح .
و إذا كان كذلك فالعالم بثبات هذا العالم المحسوس موصول إليه من طريق الإدراك والمشاهدة ، والعلم بصانعه من طريق النّظر والمباحثة ، وقد تكلَّم الناس في المعرفة باللَّه تعالى واختلفوا فزعم قوم أن المعرفة لا تجب على القادر العاقل وأنها تحدث بإلهام اللَّه ، فكل من لم يلهمه اللَّه المعرفة فلا حجة عليه ، ولا يجب عليه عقاب ، لأن عذر من ترك الشيء لأنه لم يعلم كعذر من ترك الشيء لأنه لا يقدر عليه ، والذي يدل على أن المعرفة لا تكون ضرورة لأنا يمكننا التشكك فيه . أ لا ترى أنه كلما اعتقدنا الشيء بدليل فاعترضت شبهة في أصل الدّليل يخرج من العلم بذلك الشيء حتى تثبت حجّة بمحل تلك الشّبهة ، ولو كانت بالضّرورة لم يكن التّشكك ، وكان العقلاء كلَّهم شرعا واحدا في العلم ، كما صاروا شرعا واحدا في أخبار البلدان المتواترة عليهم ، فبان بذلك أنها ليست بضرورة ، وأكثر الناس على أنها واجبة وهي من فعل الإنسان ، وإنما يقع أوّلها متولَّدا عن النّظر .
قال البغداديون مستدلين : لا يخلو من أن يكون قد كلَّفنا اللَّه معرفته أو لا يكون كلَّفنا وتركنا مهملين ، وتركنا سدى ، وإهمالنا لا يجوز عليه ويقال لهم في ذلك : إنّ الإهمال هو تضييع ما يلزم حفظه ، وترك مراعاة ما يجب مراعاته ، ألا ترون أنّ من لم يحفظ مال غيره لا يقال أهمله ، لما كان لا يلزمه حفظه فثبتوا أولا أن المعرفة باللَّه واجبة ، ثم ادّعوا الإهمال إذا لم يكلفناها . وقالوا أيضا : نحن نرى على أنفسنا آثار نعم ونعلم وجوب شكر المنعم ، فإذا يجب أن يعرف المنعم لشكره .

نام کتاب : الازمنه والامكنه نویسنده : المرزوقي الأصفهاني، أبو علي    جلد : 1  صفحه : 107
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست