وقول المصنف «حذفت
الأخيرة نسيا على الأفصح» يومى إلى أنه لا تحذف على غير الأفصح ، وليس كذلك ، بل
الواجب فى الياء المقيدة بالقيود المذكورة الحذف اتفاقا ، إلا فى نحو أحىّ مما فى
أوله شبه حرف المضارعة ، فان أبا عمرو لا يحذفها نسيا كما مر ، قال السيرافى :
تقول فى عطاء : عطى ، وفى قضاء قضى ، وفى سقاية سقيّة ، وفى إداوة أديّة ، ثم قال
: فهذا لا يجوز فيه غيره ، وقال ابن خروف فى مثله : إن القياس إعلاله إعلال قاض ،
لكن المسموع حذف الثالثة نسيا ، بل قال الاندلسى والجوهرى : إن ترك الحذف مذهب
الكوفيين ، وأنا أرى ما نسبا إليهم وهما منهما
وكذا تحذف
الياء المشددة المتطرفة الواقعة بعد ياء مشددة ، إذا لم يكن الثانية للنسبة كما
إذا صغرت مروية اسم مفعول من روى قلت : مرية ، والأصل مريّيّة ، وكذا تصغر أرويّة
فيمن قال أنها أفعولة ، وأما من قال فعليّة والياء
الصرف لقوة سبب
الاعلال وسر ما ذهب إليه أن الاسم بعد الاعلال لم يبق على صيغة أقصى الجموع ،
ويمنع بأن الياء الساقطة فى حكم الثابت بدليل كسرة الراء ، وكل ما حذف لاعلال موجب
فهو بمنزلة الباقى. وقال المبرد التنوين عوض من حركة الياء ، ومنع الصرف مقدم على
الاعلال ، وقال سيبويه والخليل : إن التنوين عوض من الياء. واختلف فى تفسير هذا
القول ففسره بعضهم بأن منع الصرف مقدم على الاعلال وفسره السيرافى بأن الاعلال
مقدم على منع الصرف فالتنوين عوض من الياء ، بخلاف نحو أحوى وأشقى ؛ فانه قدم
الاعلال فى مثلهما أيضا ووجد علة منع الصرف بعد الاعلال حاصلة ؛ لأن ألف أحوى
المنون ثابت تقديرا ، فهو على وزن أفعل ، فحذف تنوين الصرف ، لكن لم يعوض التنوين
من الألف المحذوفة ولا من حركة اللام ، كما فعل فى جوار ؛ لأن أحوى بالألف أخف منه
بالتنوين ، وأما جوار فهو بالتنوين أخف منه بالياء ، والخفة اللفظية مقصودة فى غير
المنصرف بقدر ما يمكن ، تنبيها بذلك على ثقله المعنوى بكونه متصفا بالفرعين» اه