responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : النحو الوافي (ط دار المعارف) نویسنده : عباس حسن    جلد : 1  صفحه : 583
فأصل هذه الجملة فيما يتخيلون لتوضيحها[1]، تَصَدَّقْ؛ لأنْ[2] كنتَ غنيًّا. ثم حذفت اللام الجارة، تخفيفاً؛ لأن هذا جائز وقياسى قبل "أنْ"[3]؛ فصارت الجملة: تَصدقْ أنْ كنتَ غنيًّا. ثم تقدمت "أنْ" وما دخلت عليه "أى: تقدمت العلة على المعلول" فصارت الجملة: "أنْ كنتَ غنيًّا تصدَّقْ". ثم حذفت: "كان" وأتينا بكلمة: "ما" عوضاً عنها، وأدغمناها فى "أنْ"؛ فصارت: "أمَّا". والحذف هنا واجب، لوجود العِوَض عن "كان". وبقى اسم "كان" بعد حذفها؛ وهو: تاء المخاطب. ولما كانت التاء ضميراً للرفع متصلا؛ لا يمكن أن يستقل بنفسه - أتينا بدله بضمير منفصل، للرفع، يقوم مقامه، ويؤدى معناه؛ وهو: "أنت" فصارت الجملة: أما أنت غنيًّا فتصَدقْ. ثم زيدت: "الفاء" فى المعلول[4]؛ فصارت الجملة: أما أنت غنيا فتصَدقْ. ومثلها: أما أنت قويًّا فاعملْ بجدّ. وأما أنت شابًّا فحافظ على شبابك بالحكمة[5] ...
ويجب عند محاكاة هذا الأسلوب - اتباع طريقته فى تركيب الجملة، وترتيبها، ولا سيما مراعاة الخطاب[6].

[1] إنما كان ذلك - وهو حسن هنا - من تخيل النحاة بقصد الإيضاح، والتقريب، وتيسير المحاكاة، لأن العرب الأوائل حين تكلموا بمثل هذا الأسلوب لم يدر بخلدهم شيء من هذا الحذف، والتقدير، والتعليل، إنما نطقوا سليقة وطبعا، بغير اعتماد على تحويل وتأويل، أو مراعاة القواعد المنطق، وغيره، مما لم يعرفوه في عصورهم السابقة على وضع القواعد النحوية.
[2] فاللام هنا لبيان العلة والسبب، فما بعدها وسبب لما قبلها. فكأن السبب في أمرك الشخص بالصدقة هو: غناه.
[3] يجوز حذف حرف الجر قياسا مطردا قبل: "أن وأن" عند أمن اللبس.... - وتفصيل الكلام على هذا الحذف في موضعه المناسب وهو باب: "تعدي الفعل ولزومه "جـ2 م 71 ص 155".
[4] تشبيها له بجواب الشرط في ترتبه على ما قبله.
[5] من هذه الأمثلة وما سبقها من الشرح والتحليل يتضح أن شروط حذف "كان" وجوبا في هذه الحالة ستة شروط مجتمعة: أن تقع صلة لأن المصدرية، وأن تسبق "أن" المصدرية بحرف الجر الذي يفيد التعليل "كاللام"، وأن يحذف حرف الجر، وأن تتقدم العلة على المعلول مع اقترانه بالفاء، وأن تجيء "ما" عوضا عن "كان" المحذوفة، ثم تدغم في أن.... ثم تجيء بضمير منفصل للمخاطب يحل محل الضمير المتصل. ويكون بمعناه، ويغني عنه.
[6] بالرغم من قياسية هذ الأسلوب وإيضاح مرماه بعد ذلك الشرح، يحسن اجتنابه في عصرنا الذي لا يستسيغه، لغرابته، وتعقيده.
نام کتاب : النحو الوافي (ط دار المعارف) نویسنده : عباس حسن    جلد : 1  صفحه : 583
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست