responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : لسان العرب نویسنده : ابن منظور    جلد : 14  صفحه : 217
وَرُوِيَ عَنْ أَبي الْهَيْثَمِ أَنه يَقُولُ: التَّحِيَّةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَا يُحَيِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِذَا تَلاقَوْا، قَالَ: وتَحِيَّةُ اللَّهِ الَّتِي جَعَلَهَا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لِمُؤْمِنِي عِبَادِهِ إِذَا تَلاقَوْا ودَعا بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ بأَجْمَع الدُّعَاءِ أَن يَقُولُوا السلامُ عَلَيْكُمْ ورحمةُ اللَّهِ وبركاتُه. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ
. وَقَالَ فِي تحيَّة الدُّنْيَا: وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها
؛ وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ:
قَدْ نِلْتُهُ إِلَّا التحيَّة
يُرِيدُ: إِلَّا السَّلَامَةَ مِنَ المَنِيَّة وَالْآفَاتِ فَإِنَّ أَحداً لَا يَسْلَمُ مِنَ الْمَوْتِ عَلَى طُولِ الْبَقَاءِ، فَجَعَلَ مَعْنَى التَّحِيَّات لِلَّهِ أَي السَّلَامُ لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْآفَاتِ الَّتِي تَلْحَقُ الْعِبَادَ مِنَ الْعَنَاءِ وَسَائِرِ أَسباب الْفَنَاءِ؛ قَالَ الأَزهري: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبو الْهَيْثَمِ حَسَنٌ وَدَلَائِلُهُ وَاضِحَةٌ، غَيْرَ أَن التَّحِيَّة وَإِنْ كَانَتْ فِي الأَصل سَلَامًا، كَمَا قَالَ خَالِدٌ، فَجَائِزٌ أَن يُسَمَّى المُلك فِي الدُّنْيَا تَحِيَّةً كَمَا قَالَ الْفَرَّاءُ وأَبُو عَمْرٍو، لأَن المَلِكَ يُحَيَّا بتَحِيَّةِ المُلْكِ الْمَعْرُوفَةِ لِلْمُلُوكِ الَّتِي يُبَايِنُونَ فِيهَا غَيْرَهُمْ، وَكَانَتْ تحيَّةُ مُلُوك العَجَم نَحْوًا مِنْ تحيَّة مُلوك العَرَب، كَانَ يُقَالُ لِمَلِكهم: زِهْ هَزَارْ سَالْ؛ الْمَعْنَى: عِشْ سَالِمًا أَلْفَ عَامٍ، وَجَائِزٌ أَن يُقَالَ لِلْبَقَاءِ تَحِيَّة لأَنَّ مَنْ سَلِمَ مِنَ الْآفَاتِ فَهُوَ باقٍ، وَالْبَاقِي فِي صِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذَا لأَنه لَا يَمُوتُ أَبداً، فَمَعْنَى؛ حَيّاك اللَّهُ أَي أَبقاك اللَّهُ، صحيحٌ، مِنَ الْحَيَاةِ، وَهُوَ الْبَقَاءُ. يُقَالُ: أَحْيَاه اللَّهُ وحَيّاه بِمَعْنًى وَاحِدٍ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تُسَمِّي الشَّيْءَ بِاسْمِ غَيْرِهِ إِذَا كَانَ مَعَهُ أَو مِنْ سَبَبِهِ. وَسُئِلَ سَلَمة بنُ عاصمٍ عَنْ حَيّاك اللَّهُ فَقَالَ: هُوَ بِمَنْزِلَةِ أَحْيَاك اللَّهُ أَي أَبقاك اللَّهُ مِثْلُ كرَّم وأَكرم، قَالَ: وَسُئِلَ أَبو عُثْمَانَ الْمَازِنِيُّ عَنْ حَيَّاك اللَّهُ فَقَالَ عَمَّرك اللَّهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:
أَن الْمَلَائِكَةَ قَالَتْ لِآدَمَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، حَيَّاك اللَّهُ وبَيَّاك
؛ مَعْنَى حَيَّاك اللهُ أَبقاك مِنَ الْحَيَاةِ، وَقِيلَ: هُوَ مِنِ اسْتِقْبَالِ المُحَيّا، وَهُوَ الوَجْه، وَقِيلَ: ملَّكك وفَرَّحك، وَقِيلَ: سلَّم عَليك، وَهُوَ مِنَ التَّحِيَّة السَّلَامُ، وَالرَّجُلُ مُحَيِّيٌ والمرأَة مُحَيِّيَة، وَكُلُّ اسْمٍ اجْتَمَعَ فِيهِ ثَلَاثُ ياءَات فيُنْظَر، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مبنيٍّ عَلَى فِعْلٍ حُذِفَتْ مِنْهُ اللَّامُ نَحْوَ عُطَيٍّ فِي تَصْغِيرِ عَطاءٍ وَفِي تَصْغِيرِ أَحْوَى أُحَيٍّ، وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَى فِعْلٍ ثَبَتَتْ نَحْوَ مُحَيِّي مِنْ حَيَّا يُحَيِّي. وحَيَّا الخَمْسين: دَنَا مِنْهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي. والمُحَيّا: جَمَاعَةُ الوَجْهِ، وَقِيلَ: حُرُّهُ، وَهُوَ مِنَ الفرَس حَيْثُ انفرَقَ تحتَ الناصِية فِي أَعلى الجَبْهةِ وَهُنَاكَ دائرةُ المُحَيَّا. والحياءُ: التوبَة والحِشْمَة، وَقَدْ حَيِيَ مِنْهُ حَيَاءً واستَحْيَا واسْتَحَى، حَذَفُوا الْيَاءَ الأَخيرة كَرَاهِيَةَ الْتِقَاءِ الياءَينِ، والأَخيرتان تَتَعَدَّيانِ بِحَرْفٍ وَبِغَيْرِ حَرْفٍ، يَقُولُونَ: استَحْيَا مِنْكَ واستَحْياكَ، واسْتَحَى مِنْكَ واسْتَحَاك؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ الحَيَاء بِمَعْنَى الِاسْتِحْيَاءِ قَوْلُ جَرِيرٍ:
لَوْلَا الحَياءُ لَعَادني اسْتِعْبارُ، ... ولَزُرْتُ قَبرَكِ، والحبيبُ يُزارُ
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: الحَياءُ شُعْبةٌ مِنَ الإِيمان
؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: كَيْفَ جعَل الحياءَ وَهُوَ غَرِيزةٌ شُعْبةً مِنَ الإِيمان وَهُوَ اكْتِسَابٌ؟ وَالْجَوَابُ فِي ذَلِكَ: أَن المُسْتَحي يَنْقَطِعُ بالحَياء عَنِ الْمَعَاصِي، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ تَقِيَّة، فَصَارَ كالإِيمان الَّذِي يَقْطَعُ عَنْهَا ويَحُولُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِ وَبَيْنَهَا؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَإِنَّمَا جُعِلَ الحَيَاء بَعْضَ الإِيمان لأَن الإِيمان يَنْقَسِمُ إِلَى ائْتِمَارٍ بِمَا أَمر اللَّهُ بِهِ وَانْتِهَاءٍ عمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ، فَإِذَا حَصَلَ الِانْتِهَاءُ بِالْحَيَاءِ كَانَ بعضَ الإِيمان؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ:
إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فاصْنَع مَا شئتَ
؛ الْمُرَادُ أَنه

نام کتاب : لسان العرب نویسنده : ابن منظور    جلد : 14  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست