كذلك ، فليس بإله ، وإن عُبِد ظُلْماً ، بل هو مخلوقٌ ومُتعبَّدٌ.
قال : وأصل إله وِلاه. فقلِبت الواو همزة كما قالوا : للوشاح إشاح ،
وللوِجاج إجاج ومعنى وِلَاه أَنّ الخلْق إليه يَوْلَهون في حوائجهم ، ويَفزعون
إليه فيما يُصيبُهم ويَفزَعون إليه في كل ما يَنوبُهم كما يَوْلَه كلٌّ طِفْل إلى
أمه.
وقد سَمَّت
العربُ الشمسَ لمّا عَبَدُوها : إلاهة.
وقال عُتيبة
بنُ الحارث اليَربوعيّ :
تَرَوَّحْنا
من اللَّعْباء عَصْراً
فَأَعْجَلْنَا
الإلهة أَن تَؤُوبَا
وكانت العَرَب
في جاهليتها يَدعُون مَعبُوداتهم من الأصنام والأوْثان آلهة ، وهي جمعُ إلاهة.
قال الله جلّ
وعزّ : (وَيَذَرَكَ
وَآلِهَتَكَ) [الأعراف : ١٢٧] ، وهي أصنامٌ عَبَدها قومُ فرعون معه.
ورُوِي عن ابن
عباس أنه قرأ : (ويذَرَك وإلَاهتَك) ويُفسِّره وعِبادَتك. واعتلّ بأنّ فرعون كان يُعبَد ولا
يَعْبُد والقراءة الأولى أكثر وأشهَر ، وعليها قراءةُ الأمصار.
وروى أبو
العباس عن عمرو عن أبيه أنه قال : الإلاهَةُ : الحيَّة. قال : وهي الهلال.
قلت : فهذا ما
سمعناه في تفسير اسم الله واشتقاقه.
ونذكُر الآن ما
قيل في تفسير
اللهمَ ، لاتصاله
بتفسير الله.
فأما إعرابُ اللهمَ فضمُّ الهاء وفتح الميم ، لا اختلافَ فيه بين النحويين
في اللفظ ، فأما العِلة والتفسير ففيهما اختلاف بينهم.
فقال الفراء :
معنى اللهمّ : يا ألله أُمَّ بخيْر ، رواه سَلَمة وغيرُه عنه.
وقال أبو إسحاق
الزّجّاج : هذا إقْدام عظيم ، لأن كل ما كان من هذا الهمز الذي طُرِح فأكثرُ
الكلام الإتيانُ به. يقال : ويلُ أُمِّه وويل امِّه ، والأكثر إثبات الهمز ، ولو
كان كما قال الفراء لجازَ : الله أَوْمُمْ والله أمَّ ، وكان يجب أن يلزمه (يا)
لأن العرب إنما تقول : يا ألله اغفر لنا ، ولم يقل أحد من العرب إلّا اللهمَ ، ولم يقل أحدٌ يا اللهم. قال الله جلّ وعزّ : (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ) [الزُّمَر : ٤٦] فهذا القول يُبْطَل من جهات : إحداها أن «يا» ليست في
الكلام ، والأخرى أن هذا المحذوف لم يُتكلَّم به على أصله كما تكلم بمثله ، وأنه
لا يُقدَّم أمام الدعاء. هذا الذي ذكره.
قال الزجاج :
وزعَمَ الفراء أن الضمة التي هي في الهاء ضمةُ الهمزة التي كانت في أُمّ ، وهذا
محال أن يُترك الضمّ الذي هو دليل على النداء المُفرَد ، وأَن يُجعَل في اسم الله
ضمة أُمَّ ، هذا إلحادٌ في اسم الله.
قال : وزعم أنّ
قولنا هَلمّ : مِثْل ذلك ، وأنّ أصلَها هَلْ أُمَّ ، وإنما هي لُمَّ وها للتنبيه ،
قال : وزعم الفرّاء أنّ «يا» قد يقال مع اللهم ، فيقال : يا اللهُمَّ ، واستشهَد
بشِعر لا يكون مِثلُه حُجّةً :