وأخبرني
المنذريّ ، عن أبي إسحاق الحربِيّ : وسُئل عن معنى حديث النّبي صلىاللهعليهوسلم : إنّ الشمس تَطْلُع بين قَرْنَي شَيْطان ، فقال : هذا مَثَل. يقول : حينَئِذٍ يَتَحَرك الشيطان فيكون كالمُعِين لها ، وكذلك قوله : الشيْطان يَجْرِي من ابن آدم مَجْرَى الدّم ، إنّما هذا مثل ،
وإنما هو أَنْ يَتَسَلَّطُ عليه ، لا أَنْ يَدْخُلَ جَوْفَه.
وقال الليث : الشيطان فَيْعَالٌ من شَطَنَ
، أي بَعُدَ.
قال : ويقال : شَيْطَنَ الرَّجُل ، وتَشَيْطَنَ
، إذا صَارَكالشيْطانوفَعَل فِعلَه.
وقال رُؤْبة :
* شَاقٍ لِبَغْيِ الكَلِبِ المُشَيْطِنِ *
وقال غيره : الشيْطان : فَعْلان ، من شَاطَ يَشِيطُ ، إذا هَلَك واحْتَرَق ،
مثل هَيْمان وغَيْمان ، من هام وغام.
قلت : والأول
أكبرُ ، والدّليل على أنه من شَطَنَ
قول أُمية بن
أبي الصَّلت يذكر سليمان النبي :
* أَيُّما شَاطِنٍ عَصاهُ عَكاهُ*
أراد : أيما شيطان.
وقال الله
جَلَّ وعزَّ في صِفَة شَجرة تَنْبُت في النار : (طَلْعُها كَأَنَّهُ
رُؤُسُ الشَّياطِينِ (٦٥)) [الصافات : ٦٥].
قال الفراء :
في الشَّياطين في العربية ثَلاثةُ أَوْجه : أحدها أَنه يُشبَّه طَلُعُ
هذه الشجرة في قُبْحِه برُؤوس الشياطين
؛ لأنها موصوفة
بالقُبْح وإن كانت لا تُرى ، وأنت قائل للرِّجل إذا اسْتَقْبَحْتَه : كأنه شيطان ، والوَجْهُ الآخر أَنَّ العرب تُسَمِّي بعض الحَيّات شيطاناً ، وهو حَيَّةٌ ذُو عُرْفٍ قبيح المَنْظَر ، وأنشد لرجل
يذُمُّ امرأةً له :
عَنْجَرِدٌ
تَحْلِفُ حين أحْلِفُ
كَمِثْل
شَيطانِ الحِماطِ أعْرَفُ
ويقال في وَجْه
آخر : إنَ الشيطان نَبْتٌ قبيح يُسَمَّى برؤوس الشياطين. قال : والأوْجُه الثلاثة تذهب إلى معنى واحد من القُبح.