عن المعاني والاستقصاء فيها ، وأخذها من مظانها ، وإحكام الكتب التي تأتَّى
لي سماعُها من أهل الثبت والأمانة للأئمة المشهّرين ، وأهل العربية المعروفين.
وكنت امتُحنت
بالإسار سنةَ عارضتِ القرامطةُ الحاجَّ بالهبير ، وكان القومُ الذين وقعتُ في
سهمهم عرباً عامتهم من هوازن ، واختلط بهم أصرامٌ من تميم وأسد بالهبير نشئوا في
البادية يتتبعون مساقط الغيث أيامَ النُّجَع ، ويرجعون إلى أعداد المياه ، ويرعون
النَّعمَ ويعيشون بألبانها ، ويتكلمون بطباعهم البدوية وقرائحهم التي اعتادوها ،
ولا يكاد يقع في منطقهم لحنٌ أو خطأ فاحش. فبقيت في إسارهم دهراً طويلاً.
وكنا نتشتَّى
الدَّهناء ، ونتربع الصَّمَّان ، ونتقيَّظ السِّتارَين ، واستفدت من مخاطباتهم ومحاورة
بعضهم بعضاً ألفاظاً جمّة ونوادر كثيرة ، أوقعتُ أكثرها في مواقعها من الكتاب ،
وستراها في موضعها إذا أتَتْ قراءتك عليها إن شاء الله.