بالأذى ذلك الشعر الذي يُحلق عنه. قال : وهذا مما قلتُ لك إنّهم ربّما
سمَّوا الشيء باسم غيره إذا كان معه أو من سببه ، فسمِّيت الشاة عقيقة لعقيقة الشَعَر.
قال أبو عبيد :
وكذلك كل مولود من البهائم فإنَّ الشعر الذي يكون عليه حين يولد عقيقة وعِقّة. وأنشد لزهير :
أذلك أم
أقبُّ البطن جأبٌ
عليه من
عقيقته عفاءُ
فجعل العقيقةَ الشعر لا الشاةَ. وقال الآخر يصف العَيْر :
تحسَّرت
عِقَّةٌ عنه فأنسلها
واجتاب أخْرى
جديداً بعدما ابتقلا
يقول : لما
تربّع ورَعى الربيعِ وبُقُولَه أنسَلَ الشعر المولود معه ، وأنبت آخر فاجتابه ، أي
لبسه فاكتساه.
قلت : ويقال
لهذا الشعر عقيق ، بغير هاء ، ومنه قول الشّماخ :
أطار عقيقَهُ
عنه نُسالاً
وأُدمجَ
دَمْجَ ذي شطن بديع
أراد شعره الذي
ولد وهو عليه ، أنه أنسله عنه ، أي أسقطه.
قلت : وأصل العَقّ الشَّق والقطع ، وسمِّيت الشعرةُ التي يخرج المولود من
بطن أمّه وهي عليه عقيقة ، لأنها إنْ كانت على رأس الإنسيّ حُلقت عنه فقطعت ،
وإن كانت على بهيمة فإنّها تُنسلها. وقيل للذبيحة
عقيقة لأنها تذبح
ويشق حلقومها ومريُّها ووَدَجاها قطعاً ، كما سمّيت ذبيحة بالذَّبح وهو الشق.
وأخبرني أبو
الفضل المنذري عن الحرَّاني عن ابن السكيت أنه قال : يقال عقّ فلانٌ عن ولده ، إذا ذبح عَنْه يوم أسبوعه. قال : وعقّ فلانٌ أباه يعقُّه
عقاً.
وأعقّ الرجلُ ، أي جاء
بالعُقوق. وقال الأعشى :
فإنّي وما
كلّفتموني وربّكم
ليعلَمُ من
أمسى أعقَ وأحربا
أي جاء
بالحَرَب. قال : ويقال أعقَّت
الفرسُ فهي عَقُوق ، ولا يقال مُعِقّ. وهي فرس عقوق
، إذا انفتَقَ
بطنُها واتَّسَع للوَلَد. قال : وكلُّ انشقاقٍ فهو
انعقاق ، وكل شق
وَخرْقٍ فهو
عَقٌ ، ومنه قيل للبرق
إذا انشقّ : عقيقة.
وقال غيره : عقّ فلانٌ والديه يعقُّهما
عقوقاً ، إذا قطعهما
ولم يصل رحمه منهما.
وقال أبو سفيان
بن حرب لحمزةَ سيّد الشهداء رَضي الله عنه يوم أحد حين مرَّ به وهو مقتولٌ : «ذُقْ
عُقَق» ، معناه ذق القتل يا
عاقّ كما قتلت ،
يعني من قتلتَ يوم بدر. وجمع العاقّ
القاطع لرحمه عَقَقةٌ.
ويقال أيضاً
رجلٌ عَقٌ. وقال الزَّفَيانُ الراجز :
أنا أبو
المِرقالِ عقّاً فَظَّ
لمن أعادي
مَحِكا مِلظّا
وقيل : أراد بالعَقّ المُرَّ ، من الماء
العُقاق ، وهو القُعاع.
وأخبرني
المنذري عن محمد بن يزيد الثُّمالي أنه قال في قول الجعدي :