قال : جعل
الليل أدعج لشدَّة سواده مع شدّة بياض الصبح.
قلت : وقد قال
غير الليث : الدُّعجة والدَّعَج سوادٌ عامٌّ في كلِّ شيء. يقال رجل أدعج اللون ، وتيسٌ أدعج
القرنين
والعينين. وقال ذو الرمة يصف ثوراً وحشياً وقرنيه :
جرى أدعج
الروقَين والعَينِ واضحُ ال
قَرَا أسفع
الخدَّين بالبين بارحُ
فجعلَ القَرْنَ
أدعجَ كما ترى.
قلت : ورأيت في
البادية غليِّماً أسود كأنّه حُمَمةٌ ، وكان يسمَّى نُصَيراً ويلقَّب دُعيجاً ،
لشدّة سواده.
وقال أبو نصر :
سألت الأصمعيّ عن الدَّعَج
والدُّعجة فقال : الدَّعَج
: شدّة السواد
، ليلٌ أدعج وعين دعجاء بيِّنة
الدعَج والدُّعْجة في الليل : شدةُ سواده.
قلت : وهذا هو
الصواب ، والذي قاله الليث في الدَّعج
إنّه شدّة سواد
سوادِ العين مع شدة بياض بياضها ، خطأٌ ما قاله أحدٌ غيره.
وأمّا قول
العجاج :
في أعجازِ ليلٍ أدعجا
فإنه أراد بالأدعج الليلَ المظلم الأسود.
جعد : قال الليث : الجَعْدة : حشيشة تنبُتُ على شاطىء الأنهار خضراء ، لها رَعْثة
كرعثة الديك طيِّبة الريح تنبت في الربيع وتيبس في الشتاء ؛ وهي من البقول.
قلت : الجعدة بقلة بِرّيّة لا تنبت على شطوط الأنهار ، وليس لها
رَعْثة.
وقال النضر بن
شُميل : الجَعْدة : شجرة طيّبة الريح خضراء ، لها قُضُب في أطرافها ثمر
أبيض ، يُحشَى بها الوسائد لطيب ريحها ، إلى المرارة ما هي ، وهي جهيدةٌ يصلُح
عليها المال ، واحدتها وجَماعتها
جَعدة.
وأجاد النضر في
صفة الجعدة.
وقال النضر
أيضاً : الجعاديد والصعارير أوّل ما ينفتح الإحليل باللبأ ، فيخرج شيءٌ
أصفر غليظ يابس ، وفيه رخاوة وبلل كأنّه جُبْن ، فيندُصُ من الطُّبْي مُصَعْرَراً
، أي يخرج مدحرجاً.
ونحو ذلك قال
أبو حاتم في الصَّعارير والجعاديد. وقال : يخرج اللبأ أولَ ما يخرج مصمِّغاً. وقال في
كتابه في «الأضداد» : قال الأصمعي : زعموا أن الجعدَ السّخيُّ. قال : ولا أعرف ذلك ، والجعد : البخيل ، وهو معروف. قال : وقال كثيِّر في السخيّ كما
زعموا يمدح بعض الخلفاء :
إلى الأبيض
الجعد ابن عاتكة الذي
له فضل مُلكٍ
في البرية غالبُ
قلت : وفي
أشعار الأنصار ذِكرُ
الجعدِ وُضِعَ موضعَ
المدح ، أبياتٌ كثيرة ، وهم من أكثر الشعراء مدحاً
بالجعد.