وقال الله جلّ
وعزّ : (وَقَطَّعْناهُمْ فِي
الْأَرْضِ أُمَماً) [الأعرَاف : ١٦٨] أي فرَّقناهم فرقاً. قال : (وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ
الْأَسْبابُ) [البَقَرَة : ١٦٦] أي انقطعت
أسبابُهم
ووُصَلهم. وأما قوله : (فَتَقَطَّعُوا
أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً) [المؤمنون : ٥٣] فإنه واقعٌ ، كقولك : قطَّعوا أمرَهم.
وقال لبيدٌ
بمعنى اللازم :
وتقطّعَتْ أسبابُها ورِمامُها
أي انقطعت حبالُ مودّتها.
وقوله : (وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) [يُوسُف : ٣١] أي قطعنها
قَطْعاً بعد قطع ، وخدشْنَ فيها خدوشاً كثيرة ، ولذلك ثُقِّل.
وقال جلّ وعزّ
: (فَلْيَمْدُدْ
بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَ لْيَقْطَعْ) [الحَجّ : ١٥] أجمع المفسّرون على أنّ تأويل قوله «ثُمَ لْيَقْطَعْ» : ثم ليختنق. وهو محتاجٌ إلى شرحٍ يزيد في بيانه ،
والمعنى ـ والله أعلمُ ـ من كان يظنُّ من الكفّار أنّ الله لا ينصُر محمداً حتّى
يُظْهره على المِلل كلّها فليمُتْ غيظاً ، وهو تفسير قوله (فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ) والسَّبب : الحبل يشدُّه المختنقُ إلى سَقْف بيته.
وسماءُ كلِّ شيءٍ : سقفُه. (ثُمَ لْيَقْطَعْ) ، أي ليمدَّ الحبل مشدوداً على حَلْقه مدّاً شديداً
يوتِّره حتَّى يقطع
حياتَه
ونَفْسَه خَنْقاً.
وقال الفراء :
أراد ثم ليجعل في سماء بيته حبلاً ثم ليختنقْ به ، فذلك قوله (ثُمَ لْيَقْطَعْ) اختناقاً. قال : وفي قراءة عبد الله : (ثم ليقطعه) يعني السبب ، وهو الحبْلُ المشدودُ في عنقه حتى تنقطع نفسُه فيموت.
وقال جلّ ذكره
: (قُطِّعَتْ لَهُمْ
ثِيابٌ مِنْ نارٍ) [الحَجّ : ١٩] أي خِيطَتْ وسُوِّيت وجُعِلتْ لَبُوساً لهم.
وفي حديث ابن
عبَّاسٍ قال : «نخل الجنّة سَعَفُها كِسوةٌ لأهل الجنّة ، منها مقطّعاتُهم وحُلَلُهم». وفي حديث آخر «أنَّ رجلاً أتى النبيّ صلىاللهعليهوسلم وعليه مقطَّعات
له» ، وفي حديث
ثالثٍ «وقت الضحى إذا
تقطَّعت الظّلال» أي
قَصُرت. قال أبو عبيد : قال الكسائيّ : المقطَّعات
: الثِّياب
القصار. قال : وسمِّيت الأراجيزُ
مقطَّعاتٍ لقِصَرها. وقال
شَمِر في كتابه في «غريب الحديث» : المقطَّعات
من الثياب : كل
ثوبٍ يقطَع من قميص وغيره. أراد أن من الثياب الأردية والمطارف ،
والأكسيةَ والرِّياط التي لم تقطع
وإنّما يتعطَّف
بها مَرَّةً ويُتَلفَّع بها أخرى ؛ ومنها القُمُص والجِبَاب والسَّراويلات التي تقطع ثم تخاط ؛ فهذه هي المقطَّعات. وأنشد شمر لرؤبة يصف ثوراً وحشياً :
كأنَّ نصِعاً
فوقه مقطَّعا
مخالطَ
التقليص إذْ تدرَّعا
قال : وقال
ابنُ الأعرابي : يقول : كأن عليه نِصعاً مقلِّصا عنه. يقول : تخال أنه ألبس ثوباً
أبيض مقلِّصا عنه لم يَبلُغْ كُراعَه ، لأنَّها سُودٌ ليست على لونه. قال : والمقَطَّعات : برودٌ عليها وشيٌ مقطَّع. قال : ولا يقال للثياب القصار
مقطَّعات. قال شمر : وممّا يقوّي قوله حديث ابن عباس في وصف سَعَف
نخل الجنة : «منها
مقطَّعاتهم». ولم يكن
ليصف ثيابَهم بالقصَر ، لأنه ذمٌّ وعيب. وأمّا قوله «إذا