responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحكم والمحيط الأعظم نویسنده : ابن سيده    جلد : 8  صفحه : 27

العرب ، يُحافِظون عليه ويَدَعُون غيرَه إليه ، أعْنِى أنهم قد يُؤْثِرُون المُحاكاةَ والمُناسبةَ بين الألفاظِ تاركينَ لِطَرِيقِ القِياسِ ، كقَوْلِه عليه‌السلام : « ارْجِعْنَ مَأْزُوراتٍ غيرَ مأْجُوراتٍ » [١] ، وكَقَوْلِهم : عَيناءُ حَوراءُ ، من العينِ الحِيرِ ، وإنما هو الحُورُ ، فآثرُوا قَلْبَ الواوِ ياءً فى الحُورِ إِتْباعاً لِلْعِينِ ، وكذلك قولُهم : « إنِّى لآتِيه الغَدايَا والعَشَايا » جَمَعُوا الغَداةَ على غَدايا إتْباعاً للعَشَايَا ، ولَوْ لا ذلك لم يَجُزْ تكْسِيرُ فُعْلةٍ على فَعائِلَ. ولا تَلْتَفِتَنَّ إلى ما حكاهُ ابنُ الأعرابىِّ من أن الغَدايا جمع غَدِيَّة ، فإنه لم يَقُلْه أحدٌ غيرُه ، إنما الغَدايَا إتْباعٌ ، كما حَكَاهُ جميعُ أهْلِ اللُّغةِ ، فإذا كانوا قد يَفْعلُون مثلَ ذلك غيرَ مُحْتَشِمينَ من كَسْرِ القِياس ، فأَنْ يَفْعلُوه فيما لا يَكْسِرُ القياسَ أَسْوَغُ ، ألا تراهمُ يقولُون : رأيتُ زَيْداً ، فيقال : مَنْ زَيْداً؟ ، ومَرَرْتُ بزَيْدٍ ، فيقال : مَنْ زَيْدٍ؟ ، ولا عُذْرَ فى ذلك إلا مُحاكاة اللَّفْظِ ، ونَظِيرُ مُقَابلةِ غَيَّانَ بِرَشْدَانَ لِيُوَفِّق بين الصِّيغَتَيْن اسْتِجازَتُهم تَعْلِيقَ فِعْلٍ على فاعلٍ لا يَلِيقُ به ذلك الفِعْلُ ، لتَقَدُّمِ تعِليقِ فعْلٍ على فاعلٍ يَلِيقُ به ذلك الفِعْلُ ، وكلُّ ذلك على سبيلِ المُحاكاة ، مثاله قَوْلُه تعالى : (قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) [البقرة : ١٤ ، ١٥] والاسْتِهزاءُ من الكُفَّارِ حَقِيقةٌ وتَعْلِيقُه بالله عزوجل مَجازٌ ، جلَّ رَبُّنا عن الاسْتِهزاءِ ، بل هو الحَقُّ ومنه الحقُّ ، وكذلك قولُه : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) [النساء : ١٤٢] ، والمُخادعةُ من هؤلاءِ فيما يُخَيَّلُ إليهم حَقِيقةٌ وهى من اللهِ مجازٌ ، إنما الاسْتِهزاءُ والخَدعُ من الله مكافأة لهم. ومثلُه قَوْلُ عَمْرِو بن كُلْثومٍ :

ألَا لا يَجْهَلَنْ أحدٌ علينا

فَنَجْهَلَ فوقَ جَهْلِ الجاهِلِينا [٢]

أى : إنما نُكافِئُهم على جَهْلِهم ، كَقوْله : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) [البقرة : ١٩٤] وهو بابٌ واسعٌ كبيرٌ.

وكان قومٌ من العَرَبِ يُسَمَّوْنَ بَنِى زِنْيةٍ فَسَمَّاهُم النبىُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم بَنِى رِشْدَة.

* والرَّشَادُ ، وَحَبُ الرَّشَادِ : نَبْتٌ يقالُ له الثُّفَّاءُ.

* ورَاشِدٌ ، ومُرْشِدٌ : اسْمان.

مقلوبه : د ر ش

* الدَّارِشُ : جِلْدٌ أَسْودٌ.


[١] « ضعيف » : انظر ضعيف ابن ماجه (ح ٣٤٤).

[٢]البيت لعمرو بن كلثوم فى ديوانه ص ٧٨ ؛ ولسان العرب (رشد) ؛ وبلا نسبة فى لسان العرب (خدع) ؛ والمخصص (٣ / ٨١) ؛ وأساس البلاغة (جهل).

نام کتاب : المحكم والمحيط الأعظم نویسنده : ابن سيده    جلد : 8  صفحه : 27
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست