فالباء وما
عملت فيه فى موضع مرفوع بفعله كقولك : ما قام من أحد. فالجارّ والمجرور هنا فى
موضع اسم مرفوع بفعله ، ونحوه قولهم فى التعجب :أحسِنْ بزيد!!فالباء وما بعدها فى
موضِع مرفوعٍ بفعله، ولا ضمير فى الفعل، وقد زيدت أيضا فى خبر لكنَّ لشبهه
بالفاعل، قال:
أراد : ولكنَّ
أجرا لو فعلته هَيّن ، وقد يجوز أن يكون معناه : ولكنَّ أجرا لو فعلته بشىء هين أى
أنت تصلين إلى الأجر بالشىء الهيّن ؛ كقولك : وجوب الشكر بالشىء الهيّن ، فتكون
الباء على هذا غير زائدة ، وأجاز محمد بن السرىّ أن يكون قوله :
«كَفى بِاللهِ»
تقديره : كَفَى اكتفاؤك بالله ؛ أى اكتفاؤك بالله يكفيك ، قال ابن جنّى : وهذا يضعف عندى لأن الباء على هذا
متعلّقة بمصدر محذوف وهو الاكتفاء ومحال حذف الموصول وتَبْقِية صِلَته ، قال :
وإنما حَسَّنه عندى قليلا أنك قد ذكرت «كَفَى» فدلَّ على الاكتفاء ؛ لأنه من لفظه ، كما تقول : من
كذب كان شرّا له ، فأضمرته لدلالة الفعل عليه ، فها هنا أضمر اسما كاملا وهو الكذب
، وهناك أَضْمر اسما وبَقَّى صلته التى هى بعضُه ، فكأن بعض الاسم مضمر وبعضه
مظهر. قال : فلذلك ضعف عندى. قال : والقول فى هذا قول سيبويه : من أنه يريد : كفى اللهُ ، كقوله تعالى : (وَكَفَى اللهُ
الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ) [الأحزاب : ٣٥] ويَشْهد بصحَّة هذا المذهب ما حكى عنهم من قولهم : مررت
بأبيات جاد بهنّ أبْيَاتا ، وجُدْن أبياتا ، فـ «بهنّ» فى موضع رفع والباء زائدة
كما ترى. قال : أخبرنى بذلك محمد بن الحسن قراءة عليه عن أحمدَ بنِ يحيى أنّ
الكسائى حَكَى ذلك عنهم ، قال : ووجدت مثله للأخطل وهو قوله :