نام کتاب : المحكم والمحيط الأعظم نویسنده : ابن سيده جلد : 2 صفحه : 341
فإنه أراد العَوْرَاءَ فوضع المصدرَ موضعَ الصِّفة ، ولو أراد العَوَرَ الذى هو العَرَضُ لما قابل العينَ الصحيحةَ وهى جَوْهرٌ بالعَوَرِ وهو عَرَضٌ وهذا قبيحُ فى الصَّنْعةِ وقد يجوز أن يريدَ
العينَ الصحيحة بِذاتِ العَوَرِ فحذَف ، وكلُّ هذا ليقابِل الجوْهَر بالجوهرِ ، لأن
مقابلة الشىءِ بنظيره أذْهَبُ فى الصُّنْع وأشْرَفُ فى الوضع ، فأما قول أبى ذُؤيب
:
فعلى أنه جعل
كلَّ جزءٍ من الحَدقةِ
أعْوَر أو كلَّ قطعة
منه عوراء ، وهذه ضرورةٌ ، وإنما آثرَ أبو ذُؤَيب هذا لأنه لو قال
: فهى عَوْرَا تدْمَعُ لقصر الممدود ، فرأى ما عَمِله أسهلَ عليه
وأخفَّ.
* وقد يكون العَوَرُ فى غيرِ الإنسانِ قال سيبويه : حدَّثنا بعضُ العرب أن
رجلاً من بنى أسَدٍ قال يوم جَبَلة : واستقبَلَهُ بَعيرٌ أعْوَرُ فتَطَيَّرَ. فقال : يا بنى أسَدٍ أأعْوَرَ وذا ناب؟ فاستعمل الأعورَ للبعيرِ ، وَوَجْهُ نَصْبِه أنه لم يُرِدْ أن
يَسْترْشِدَهُم ليُخبروه عن عَوَرِه
وصحَّتِه ولكنه
نَبَّهَهُم كأنه قال : أتستقبلون أعورَ وذا نابٍ؟ فالاستقبالُ فى حال تنبيهه إياهم كان واقِعا
كما كان التَّلَوُّنُ والتنقُّل عندك ثابتين فى الحال الأوَّل وأراد أن يُثْبِتَ الأعورَ ليحذَرُوه.
فأما قول سيبويه
فى تمثيل النصب : أتعَوَّرُونَ
فليس من كلام العرب ،
إنما أراد أن يُرينا البَدَل من اللَّفْظِ به بالفعل فصاغ فِعلاً ليس من كلام
العرب ، ونظيرُ ذلك قَوله فى الأعْيار ـ من قول الشاعر :