responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مناهج البحث في اللغه نویسنده : تمام حسان    جلد : 1  صفحه : 2
كما ورد في الحديث؛ ولأن رابطة اللغة أقوى من أي رابطة اجتماعية أخرى، حتى إنها لتجعل المعاصرين من المصريين والعراقيين، والسوريين والتونسيين يفخرون في وقتنا هذا بمن غزا مصر والعراق، وسوريا وتونس في التاريخ العربي القديم؛ لأنهم يشعرون أن هؤلاء الغزاة من أسلافهم، وإن لم يكونوا كذلك من جهة النسب.
واللغة سلاح من أقوى الأسلحة النفسية، للسيطرة على الأفكار والأشياء.
وما أمر الدعاية بالخطب والإعلانات بالأمر الهين، وفي الانتخابات النيابية والمحاكمة، غالبا ما يكون الجانب الظافر أقدر الجانبين على استخدام سلاح اللغة، ويغشى المصلون من المساجد، ما تمتع بإمام مجيد لاستخدام هذا السلاح. وقد كانت القدرة على الخطابة في بعض الأحيان، سببا من أسباب الاختيار لعضوية مجلس الوزراء، وليس السحر وأثره على النفوس والأشياء بما يمكن إغفاله في هذا المقام، وحسبنا أنه يفرق بين المرء وزوجه، وأنه يجعل العصا حية تسعى، وكثيرا ما تكون الكلمة ملزمة، كما لو كانت قوة مجبرة، والهزل في نظر الفقه يوقع الطلاق والعتق، والتوقيع على ورقة قد يكون سببا في شقاء أو سعادة، وقد يحول مستقبل شخص ما إلى طريق غير الذي كان يسير فيه. والدعاء يستنزل رحمة السماء أو غضبها، ولقد كان السب في الذات الملكية -وما هو إلا حركات من حركات اللسان- كافيا لإيداع الشاتم في السجن مدة قد تطول أو تقصر، وما كان الشاتم لينزل هذا المنزل الخشن لولا حركات لغوية مماثلة تجري على لسان القاضي، ومن الناس من يشتري السلعة دون حاجة إليها؛ لأن البائع قد نجح في إقناعه بفائدة الصفقة، وتؤثر بلاغة اللغة وجودة الغناء بها في نفوسنا، حتى لنخرج عن المزاج المنقبض إلى المزاج المرح المنبسط. وقد تتصرف ونحن تحت هذا التأثير تصرفا، لا يسهل علينا لو لم نكن تحت تأثير اللغة.
وقديما قالوا: الناس أعداء ما جهلوا. وإنك لترى الشخص الذي لا تعرفه وتجلس معه جنبا إلى جنب في القطار، فلا يهمك من أمر شيء، ولو لقي شدة وهو في حالة هذه لما دفعك دافع على التضحية من أجله، ولكنه إذا كان قد سبق فقدم نفسه إليك، وتحدث معك بعض الوقت، فقد يكون ذلك سببا كافيا من أسباب
نام کتاب : مناهج البحث في اللغه نویسنده : تمام حسان    جلد : 1  صفحه : 2
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست