نام کتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى نویسنده : المنقري، نصر بن مزاحم جلد : 2 صفحه : 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه الذي اختار رسوله محمدا (صلّى اللّه عليه و سلم) من أطيب الأرومات، و الصلاة و السلام الأتمّان الأكملان على أشرف الكائنات، و على آله و صحبه الذين فدوه بالأنفس و الأموال و بالآباء و الأمهات. و على من اتبعه و اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
[تتمة الباب الرابع: فيما يتعلق بأمور مسجدها الأعظم النبوي]
الفصل الرابع: الروايات في حنين الجذع
في خبر الجذع الذي كان يخطب إليه (صلّى اللّه عليه و سلم) و اتخاذه المنبر، و ما اتفق فيه، و ما جعل بدله بعد الحريق، و اتخاذ الكسوة له.
روينا في صحيح البخاري عن ابن عمر قال: كان النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) يخطب إلى جذع، فلما اتخذ المنبر تحول إليه، فحن الجذع، فأتاه فمسح يده عليه. و فيه عن جابر أن النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) «كان يقوم يوم الجمعة إلى شجرة أو نخلة، فقالت امرأة من الأنصار، أو رجل: يا رسول الله، أ لا نجعل لك منبرا؟ قال: إن شئتم، فجعلوا له منبرا، فلما كان يوم الجمعة رفع إلى المنبر، فصاحت النخلة صياح الصبي، ثم نزل رسول الله (صلّى اللّه عليه و سلم)، فضمّه إليه و هو يئن أنين الصبي الذي يسكن، قال: كانت تبكي على ما كانت تسمع من الذكر عندها.
و فيه أيضا عنه: كان المسجد مسقوفا على جذوع من نخل، فكان النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) إذا خطب يقوم إلى جذع منها، فلما صنع له المنبر فكان عليه فسمعنا لذلك الجذع صوتا كصوت [1] العشار، الحديث.
و عند النسائي في الكبرى عن جابر: اضطربت تلك السارية كحنين الناقة الخلوج: أي التي انتزع ولدها منها. و عند ابن خزيمة عن أنس: فحنّت الخشبة حنين الواله [2]. و في روايته الأخرى عند الدارمي: خار ذلك الجذع كخوار الثور.
و في حديث أبي بن كعب عند أحمد و الدارمي و ابن ماجه: فلما جاوزه خار الجذع حتى تصدع و انشق. و في حديثه: فأخذ أبيّ بن كعب ذلك الجذع لما هدم المسجد فلم يزل عنده حتى بلى و عاد رفاتا. و في حديث أبي سعيد عند الدارمي: فأمر به أن يحفر له و يدفن، و سيأتي أحاديث بذلك، و لا تنافي بين ذلك؛ لاحتمال أن يكون ظهر بعد الهدم عند التنظيف، فأخذه أبيّ بن كعب.
[1] العشار: مفردها: العشراء، من النّوق و نحوها: ما مضى على حملها عشرة أشهر. و في التنزيل العزيز: