responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى نویسنده : المنقري، نصر بن مزاحم    جلد : 2  صفحه : 231

كعادته، حتى خرج من باب المدينة، و لم يزل ذلك دأبه، فلم يركب بالمدينة جوادا حتى خرج منها، فلما كان وقت صلاة الجمعة حضر في ذلك المصلى فكان بيني و بينه إمامه المشار إليه أيضا، ثم قرأ شخص على شيخ المحدثين العلامة شمس الدين ابن شيخنا أبي الفرج العثماني مجلس ختم البخاري، و كأن الإمام المشار إليه تفرّس فيّ الاتصاف بطلب العلم، ففاتحني الكلام في بعض المسائل العلمية المتعلقة بذلك، فجاريته فيها، فرأيت كماله واضح البرهان، و فضله ظاهر العنوان، مع كمال الإنصاف في البحث، فانتسجت المودة حينئذ، ثم قام الإمام المشار إليه، و استمر السلطان جالسا، ثم بدأنا بالملاطفة، و شرفنا بالمحادثة، و خاض في شي‌ء من العلم، فرأيت من تواضعه و حلمه و ثقوب فهمه ما فاق الوصف، فأنشدته قول بعضهم:

كانت مساءلة الركبان تخبرني‌ * * * عن أحمد بن سعيد أطيب الخبر

ثم التقينا، فلا و اللّه ما سمعت‌ * * * أذني بأحسن مما قد رأى بصري‌

و أنهيت إليه أمر الطابق المذكور، و قلت في نفسي: لعل اللّه تعالى أرسل هذا السلطان المسعود و جمعني به من غير قصد ليفوز بتنزيه الحضرة الشريفة من ذلك، و يكون ذلك في صحائفه، و قد قدمنا ما حاوله الملوك الماضون من سدّه مع أن المفاسد التي قدمناها لم تكن موجودة في زمنهم، و إنما تركوه كما قدمناه لمانع، و لا مانع من سده اليوم بحمد الله تعالى، فوعد بذلك. ثم وقع الاجتماع بالإمام المشار إليه فكلمته في ذلك، و قلت له: بلغني أن من بيده مفتاح الطابق المذكور يجتمع له في كل سنة نحو عشرة دنانير من هذا الطابق، و لي معلوم في جهة هذا قدره في كل سنة، فأنا أنزل عنه لمن بيده ذلك المفتاح تطييبا لخاطره، فذكر ذلك للسلطان، فقال: نحن نرضيه من عندنا، ثم إنه نصره اللّه تعالى حضر لصلاة المغرب، فتفضل بالبداءة بالكلام، و لم يكن إمامه حاضرا، و لكنه سبق منه التربية التامة عنده، فسألني عن الآية المنقوشة في المصلى الشريف، و هي قوله تعالى: قَدْ نَرى‌ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ [البقرة: 144] الآية هل نزلت قبل المعراج و فرض الصلاة أم بعد ذلك؟ و كيف كان الاستقبال قبل نزولها؟ فشرعت في الجواب، فأقيمت الصلاة في أثناء ذلك، فلما قضى صلاته تنفل بست ركعات، ثم أقبل عليّ طالبا للجواب، فذكرت له تاريخ نزولها بالمدينة، و ما فيه من الخلاف، و أن فرض الصلاة ليلة في المعراج كان بمكة، و ما ذكروه في أمر استقبال بيت المقدس، و ما حكي من الخلاف في تعدد نسخ القبلة، و صلاته (صلّى اللّه عليه و سلم) بمكة بين الركنين اليمانيين جاعلا الكعبة بينه و بين بيت المقدس، إلى غير ذلك من الفوائد التي قدمناها في محلها من كتابنا هذا، و استمريت معه كذلك حتى صلينا العشاء الآخرة، فحصل منه في ذلك المجلس من الإكرام ما أرجو له به كمال المجازاة من صاحب الحضرة الحبيب الشفيع صلوات اللّه و سلامه عليه.

نام کتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى نویسنده : المنقري، نصر بن مزاحم    جلد : 2  صفحه : 231
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست