responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى نویسنده : المنقري، نصر بن مزاحم    جلد : 2  صفحه : 184

استعمال مؤن غير صالحة، و أن القبة التي سبق اتّخاذها على أعلى ما يحاذي الحجرة الشريفة قد تشققت ثم رمّت ثم تشققت، و لم يفد الترميم فيها، و أن المنارة الرئيسية قد مالت، مع أمور أخرى، فتغير خاطره على متولي العمارة، ثم انتخب لذلك المقر الشجاعي شاهين الجمالي لما اشتمل عليه من الفضل و النبل و إصابة الرأي، و فوض إليه أيضا مشيخة الحرم و نظره و نظر السماط، فورد المدينة الشريفة في موسع عام أحد و تسعين و ثمانمائة، و جمع الناس للنظر في ذلك، و راجع فيه أهل الخبرة، فاقتضى الحال هدم المنارة الرئيسية و هدم أعالي القبة المذكورة، و لما هدم المنارة المذكورة ظهر أن الخلل من عدم المبالغة في حفر أساسها، فحفر أساسها حتى بلغ به الماء، و اتخذ لها أحجارا من الحجر الأسود متقنة، و أحكم بناءها مع الحسن الفائق، بحيث لم ير قبلها بالمدينة الشريفة مثلها، و جعل بابها من المغرب في محله الأول، و أبطل تلك الدرج المحدثة بأرض المسجد على ما سبق، و أما القبة فاتخذ في الطاقات المحيطة بجوانبها سقفا يمنع من سقوط ما يهدم منها إلى أرض الحجرة الشريفة، ثم شرع في هدمها و إعادتها، بحيث لم يرفع كسوة الحجرة الشريفة و لم يتخذ المسجد طريقا للعمال في ذلك، بل اتخذ أساقيل يمشي عليها إلى سطح المسجد في ناحيته الشرقية، و اتخذ حاجزا لمحل المنارة يحول بينها و بين المسجد بحيث يظن الظان أن المسجد لا عمارة به، و صانه أيضا من الامتهان بعمل أرباب الصنائع، فجزاه اللّه تعالى خير الجزاء، و جعل ثوابه على ذلك من أوفر الأجزاء.

و قد جاءت القبة حسنة مع الإتقان، حتى إنه استصحب في هذه العمارة الجبس من مصر المحروسة، و استعمله في البناء، و حرص على إتقان الآجر، و زاد العمال فيه على عادتهم، و لم يوفق متولي العمارة قبله لشي‌ء من ذلك، سامحه الله، و كل ميسّر لما خلق له.

و قد ذكر ابن النجار ما كان عليه الخلفاء من الاهتمام بعمارة المسجد النبوي فقال: و لم يزل الخلفاء من بني العباس ينفذون الأمراء على المدينة الشريفة، و يمدونهم بالأموال لتجديد ما ينهدم من المسجد النبوي، فلم يزل ذلك متصلا إلى أيام الناصر لدين الله، أي الخليفة في زمنه، قال: فإنه ينفذ في كل سنة من الذهب العين الإمامي ألف دينار لعمارة المسجد، و ينفذ عدة من النجارين و البنائين و النقاشين و أرباب الحرف، و تكون مادتهم مما يأخذونه من الديوان ببغداد من غير هذه الألف، و ينفذ من الحديد و الصناع و الرصاص و الحبال و الآلات شيئا كثيرا، و لا تزال العمارة متّصلة في المسجد حتى إنه ليس به موضع أصبع إلا و هو عامر، انتهى.

قلت: و عقب وفاة ابن النجار بيسير انتقل أمر المدينة الشريفة إلى ملوك مصر، و لم يزل ملوكها يهتمون بعمارة هذا المسجد الشريف، و من أعظمهم همة في ذلك، و أحبهم في‌

نام کتاب : وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى نویسنده : المنقري، نصر بن مزاحم    جلد : 2  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست