سجستان، فقال: يا أهل سجستان الحرب بيننا و بينكم حتى تدفعوا إلينا من قبلكم من أهل الشام، فقالوا: نفتديهم، ففدوهم بألف ألف، و أخرجوا أهل الشام من سجستان، ثم وجه أبو مسلم عمر بن العباس بن عمير بن عطارد بن حاجب بن زرارة على سجستان.
و كان كثيرا عند أبي مسلم فقتل أهل سجستان أخاه إبراهيم بن العباس [1]، و وقعت الحرب بينهم و بينه، فوجّه إليه أبو مسلم أبا النجم عمران بن إسماعيل بن عمران، و قال له: الحق عمر بن العباس فإن كان قد قتل فأنت أمير البلد، ثم ولى أبو جعفر المنصور إبراهيم بن حميد المروروذي ثم عزله، و ولى المنصور معن بن زائدة بن مطر بن شريك الشيباني فنزل بست و حارب الممتنعين و أساء معن الولاية و نال الناس منه كل بلاء فدسوا السيوف في أطنان القصب ثم و ثبوا عليه فقتلوه، و الذي قتله رجل من أهل طاق [2] رستاق من رساتيق زرنج و ذلك في سنة ست و خمسين و مائة، و أقام يزيد [3] بن مزيد بن [زائدة] [4] يحارب القوم فوجّه أبو جعفر تميم بن عمرو من
137 ه/ 775 م. عاش أبو مسلم سبعة و ثلاثين سنة بلغ بها منزلة عظماء العالم، حتى قال فيه المأمون: أجل ملوك الأرض ثلاثة، و هم الذين قاموا بنقل الدول و تحويلها: الإسكندر، و أزدشير، و أبو مسلم الخراساني. و كان فصيحا بالعربية، و الفارسية، مقداما، داهية، حازما، رواية للشعر، يقوله. قصير القامة، أسمر اللون، رقيق البشرة، حلو المنظر، طويل الظهر قصير الساق، لم يرضاحكا و لا عبوسا، تأتيه الفتوح فلا يعرف بشره في وجهه، و ينكب فلا يرى مكتئبا، خافض الصوت في حديثه، قاسي القلب: سوطه سيفه. و في الروض المعطار: كان إذا خرج رفع أربعة آلاف أصواتهم بالتكبير، و كان بين طرفي موكبه أكثر من فرسخ، و كان يطعم كل يوم مائة شاة. و في البدء و التاريخ: كان أقل الناس طمعا، مات و ليس له دار، و لا عقار، و لا عبد، و لا أمة، و لا دينار. و قال الذهبي: كان ذا شأن عجيب، شاب دخل خراسان ابن تسع عشرة سنة، على حمار بإكاف، و حزمة و عرمة، فما زال يتنقّل حتى خرج من مرو، بعد عشر سنين، يقود كتائب أمثال الجبال، فقلب دولة و أقام دولة، و ذلّت له رقاب الأمم، و راح تحت سيفه ستمائة ألف أو يزيدون.
[1] إبراهيم بن العباس بن محمد بن صول، أبو إسحاق، كاتب العراق في عصره، أصله من خراسان، و كان جدّه محمد من رجال الدولة العباسية و دعاتها، و نشأ إبراهيم في بغداد، فتأدّب و قرّبه الخلفاء.
[3] يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني، أبو خالد، أمير، من القادة الشجعان، كان واليا بأرمينية و أذربيجان، و انتدبه هارون الرشيد لقتال الوليد بن طريف الشيباني عظيم الخوارج في عهده، فقتل ابن طريف سنة 179 ه، و عاد إلى أرمينية، و كان فيما وليه اليمن، توفي ببردعة من بلاد أذربيجان سنة 185 ه/ 801 م.
[4] وردت في الأصل: «زائد»، و لعلّ الصحيح ما أثبتناه.