أمر بإخراج النبط فقد ذلك اللون فسأل عنه فقيل إن طباخه نبطي. فلهى عنه مدة ثم قال: اشتروا لي غلاما و مروه أن يعلمه ذلك اللون. ففعلوا فلم يحكمه الغلام.
فقال: ادخلوا هذا النبطي نهارا و أخرجوه ليلا. قال: فكان يأتي في كل يوم بقدره و مغرفته فيطبخ ذلك اللون ثم ينصرف.
قال و كتب إلى الحكم بن ثوابة عامله على البصرة: أما بعد. فإذا نظرت في كتابي هذا فأجل من قبلك من الأنباط و ألحقهم بسوادهم فإنهم مفسدة الدين و الدنيا.
فكتب إليه الحكم: أما بعد. فقد أخليت من في عملي من الأنباط إلّا من قرأ منهم القرآن و فقه في الدين و علم الفرائض و السنن. فكتب إليه الحجاج: فهمت ما كتبت به فإذا نظرت في كتابي هذا فاجمع من قبلك من الأطباء فليفتشوا عروقك عرقا عرقا، فإن وجدوا فيك عرقا نبطيا قطعه. و السلام.
و يروى عن مكحول أنه قال: لما أخرب بخت نصر السواد كان أشدّها بكاء كسكر. فأوحى اللّه إليها أني محدث فيك مسجدا يصلّى فيه. قال مكحول: فكنا نرى أنه مسجد واسط.
و كان بعضهم يقول: كان الحجاج أحمق، بنى مدينة في بادية النبط و حماهم دخولها، فلما مات دخلوها من قرب.
و قال المري ذكر الحجاج عند عبد الوهاب الثقفي [1] بسوء فغضب و قال:
إنما تذكرون المساوئ، أ و ما علمتم أنه أول من ضرب درهما عليه لا إله إلّا اللّه.
و أول من بنى مدينة في الإسلام، و أول من اتخذ [23 ب] المحامل. و ان امرأة من المسلمين سبيت بالهند فنادت يا حجاجاه! فلما اتصل به ذلك أقبل يقول: يا لبيك! و أنفق سبعة ألف ألف حتى افتتح الهند، و أخذ المرأة و أحسن إليها غاية الإحسان.
و اتخذ المناظر بينه و بين قزوين، فكان إذا دخن أهل قزوين دخنت المناظر- إن كان نهارا- و إن كان ليلا أشعلوا النيران فتجرد الخيل إليهم. فكانت المناظر
[1] من محدّثي البصرة توفي عام 194 ه (العبر 1: 245).