و لقي كعب رجلا فقال: من أين أقبل الرجل؟ قال: من الشام. قال: أ فمن أهله أنت؟ قال: نعم. قال: فلعلّك من الجند الذين ينظر اللّه إليهم كلّ يوم مرّتين.
قال: و أيّ جند هم؟ قال: جند فلسطين. قال: لا. قال: فلعلّك من الجند الذين يلقون اللّه في الثياب الخضر. قال: و أيّ جند هم؟ قال: جند الأردنّ. قال: لا.
قال: فلعلّك من الجند الذين يستظلّون تحت العرش يوم لا ظلّ إلا ظلّه. قال:
و أيّ جندهم؟ قال: جند دمشق. قال: لا. قال: فلعلّك من الجند الذين يبعث اللّه منهم سبعين ألف نبيّ. قال: و أيّ جند هم؟ قال: جند حمص. قال: لا. قال:
فمن أين أنت؟ قال: من قنّسرين. قال: ليست تلك من الشام، تلك قطعة من الجزيرة يفرّق بينهما الفرات.
و خراج حمص ثلاثمائة ألف و أربعون ألف دينار، و أقاليمها كثيرة منها: إقليما سلمية و تدمر.
قال: و لمّا هدم مروان بن محمّد حائط تدمر وصل إلى بيت مجصّص عليه قفل ففتحه فإذا امرأة مستلقية على قفاها، في بعض غدائرها صحيفة نحاس مكتوب عليه: بسمك اللّهم أنا تدمر بنت حسّان، أدخل اللّه الذلّ على من يدخل عليّ في بيتي. قال: فو اللّه ما ملك مروان بعدها إلّا أيّاما حتى أقبل عبد اللّه بن عليّ فقتل مروان بن محمّد، و فرّق خيله، و استباح عسكره، فقيل وافق دعاءها.
و يقال: إن مدينة تدمر بناها سليمان بن داود، و كانت عجيبة البناء، كثيرة الصور و التماثيل. و يقال: إنه بنى فيها دارا فيها مقاصير و أروقة و حجرات و إيوانات و غير ذلك، و أن سطح هذه الحجرات و المقاصير و غير ذلك حجر واحد بقطعة واحدة، و هو باق إلى يومنا هذا، و بها صورة جاريتين من حجارة من بقايا صور كانت بها، و قال: فيهما بعض الشعراء [1]:
فتاتي أهل تدمر خبّراني* * * ألمّا تسأما طول المقام
قيامكما على غير الحشايا* * * على جبل أصمّ من الرّخام
[1] هو أوس بن ثعلبة التيمي كما في معجم البلدان مادة (تدمر).