السلام)، و عليه ينصب الصراط، و فيه مصلّى عمر بن الخطّاب، و فيه قبور الأنبياء، و بيت لحم على فرسخ من المدينة، و هو موضع ولد فيه عيسى، و مسجد إبراهيم على خمسة عشر ميلا، و فيه قبر إبراهيم و إسحاق و يعقوب و يوسف و سارة و نعل النبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) عند الإمام.
و كانت سلسلة قضاء الخصوم من اتّخاذ سليمان، و كان ممّا اتّخذ أيضا ببيت المقدس من الأعاجيب أن نصب في زاوية من زوايا المسجد عصا ابنوس، فكان من مسّها من أولاد الأنبياء لم يضرّه مسّها و من مسّها من غيرهم احترقت يده، فلم يزل كذلك على ما بناه سليمان حتى غزا بخت نصّر، فخرّب بيت المقدس، و نقض المسجد، و أخذ ما كان في سقوفه من الذهب و الفضّة و الجواهر، فحمله معه إلى دار مملكته بالعراق، و بقي بيت المقدس خرابا حتى مرّ به شعيا النبيّ و رآه خرابا، و هو الذي قال اللّه عزّ و جلّ أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها و ابتناه بعد ذلك ملك من ملوك فارس يقال له كوشك [1].
و بين بيت المقدس و الرّملة ثمانية عشر ميلا، و هي من كورة فلسطين، و كانت دار ملك داود و سليمان و رحبعم بن سليمان و ولد سليمان، و لمّا ملك الوليد بن عبد الملك ولّى سليمان بن عبد الملك جند فلسطين، فنزل لدّا ثم أحدث مدينة الرملة و مصرها، و كان أوّل ما بنى فيها قصره، و الدار التي تعرف بدار الصبّاغين، و جعل في الدار صهريجا متوسّطا لها، ثم اختطّ المسجد و بناه، و أذن للناس في البناء فبنوا، و احتفر لأهل الرملة قناتهم التي تدعى برده، و احتفر أيضا آبارا عذبة، و ولّى النفقة على بنائه بالرملة و مسجد الجامع كاتبا له نصرانيّا من أهل لدّ يقال له البطريق بن بكا، و لم تكن مدينة الرملة قبل سليمان، و كان موضعها رملة و صارت دار الصبّاغين لورثه صالح بن عليّ بن عبد اللّه بن عبّاس، لأنها قبضت عن بني أميّة، و كانت بنو أميّة تنفق على آبار الرملة و قناتها بعد سليمان بن
[1] هو الملك الفارسي كورش الذي استولى على بابل عام 539 ق. م. ثم سمح عام 538 ق. م.
لليهود الذين سباهم نبوخذ نصر إلى بابل بالعودة إلى أورشليم و إعادة بناء الهيكل الذي هدمه نبوخذ نصر.