ومن خاصّية
نصيبين أنّها لا تقبل العدل البتّة بل سوق الظلم بها قائم ، ولو كان واليها كسرى
الخير ، ولهذا قال بعض الشعراء :
نصيب نصيبين
من ربّها
ولاية كلّ
ظلوم غشوم!
فباطنها منهم
في لظى
وظاهرها من
جنان النّعيم!
وعقارب نصيبين
ممّا يضرب بها المثل ؛ حكى أحمد بن الطيّب السرخسي أن أنوشروان حاصر نصيبين ،
فامتنع أهلها ولم يستطع فتحها ، فأشار إليه بعض الحكماء ان يحمل عقارب طيرانشاه ،
وهي قرية من أعمال شهرزور كثيرة العقارب ، في جرار ، وتحمل إلى نصيبين وترمى إليها
بالعرّادة ، ففعل ذلك فانتشرت العقارب في جميع المدينة ، ولدغت أهلها فأصابوا منها
بلاء عظيما وتقاعدوا عن القتال ففتحها أنوشروان ، وذلك أصل عقارب نصيبين.
وحكي أن عامل
معاوية بنصيبين كتب إلى معاوية أن جماعة كثيرة من المسلمين الذين كانوا معه أصيبوا
بالعقارب ، فكتب إليه معاوية يأمره أن يوظّف على كلّ أهل خير من المدّة عدّة عقارب
في كلّ ليلة ، ففعل ذلك ، فهم يأتون بها وهو يأمر بقتلها حتى قلّت.
نضيراباذ
قرية من قرى
قزوين قريبة منها ، كثيرة الخيرات والغلّات ، وكانت ملكا لفخر المعالي بن نظام
الملك. وكان شيخ القرية رجلا ظريفا وفخر المعالي أيضا كذلك ، كانا يتظارفان ؛ حكي
أن شيخ القرية دخل على فخر المعالي فوجده يسرّح لحيته بمشط فقال : أيّها المولى ،
لم تسرّح اللحية؟ فقال : لأنّه يزيل الغمّ. فقال : من كان له غمّ يسرّح لحيته
فيزول غمّه؟ قال : نعم ، فقد اتّفق انّه جاء ذات مرّة عسكر وأكلوا زرع القرية
ونهبوها ، فجاء شيخ القرية إلى فخر المعالي وقال : احضر المشط! قال : لم؟ قال :
حتى أقول أنا وتسرّح أنت