وان طلع عليكم فدهدهوا عليه الصخر ، وليحمل عليه الخيل من ورائه ، ففرّقنا
الخيل للحملة وإنّها تشمئزّ عنه ، فأقبل يدنو ويختل ، وكلّما خالطه سهم أمرّ عليه
ساعده وكسره في لحمه ، فضرب فارسا آخر فقطع فخذه بسرجه وما تحت السرج من فرسه ،
فصاح به القيل : ويلك! من أنت؟ فقال بصوت الرعد : أنا حرث لا أراع ولا ألاع! فمن
أنت؟ قال : أنا مثوّب ، قال : إنّك لهو؟ قال : نعم. فقهقر وقال : اليوم انقضت
المدّة وبلغت نهايتها العدّة ، لك كانت هذه السرارة ممنوعة.
ثمّ جلس وألقى
سيفه وجعل ينزع النبل من بدنه ، فقلنا للقيل : قد استسلم؟ قال : كلّا لكنّه اعترف
دعوة فإنّه ميّت ، فقال : عهد عليكم لتحفرنّني! فقال القيل : آكد عهد ، ثمّ كبا
لوجهه فأقبلنا إليه فإذا هو ميت ، فأخذنا سيفه فلم يقدر أحد منّا يحمله على عنقه ،
فأمر مثوّب فحفر له اخدود ألقي فيه ، واتّخذ مثوّب تلك الأرض منزلا وسمّاها حرث ،
وسمّي مثوّب ذا حرث.
ووجد على أكمة
صخرة مكتوب عليها : باسمك اللهمّ ، إله من سلف ومن غبر ، إنّك الملك الكبّار
الخالق الجبّار ملكنا هذه المدّة ، وحمى لنا أقطارها وأصبارها وأسرابها وحيطانها
وعيونها وصيرانها إلى انتهاء عدّة وانقضاء مدّة ، ثمّ يظهر علينا غلام ذو الباع
الرحب والمضاء العضب ، فيتّخذها معمرا أعصرا ثمّ يجوز كما بدا ، وكلّ محتوم آت
وكلّ مترقّب قريب ، ولا بدّ من فقدان الموجود وخراب المعمور.
حضرموت
ناحية باليمن
مشتملة على مدينتين ، يقال لاحداهما شبام وللأخرى تريم ، وهي بقرب البحر في شرقي
عدن ، وانّها بلاد قديمة.
حكى رجل من
حضرموت قال : وجدنا بها فخّارا فيه سنبلة حنطة وامتلأ