مدينة عظيمة
كثيرة الخيرات طيّبة الهواء صحيحة التربة. لها سور حصين وقلعة حصينة. قال
الزّجّاجيّ : كان الخليل ، عليه السلام ، يحلب غنمه بها ويتصدّق بلبنها يوم الجمعة
فيقول الفقراء : حلب ، فسمّيت بذلك ، ولقد خصّ الله تعالى هذه المدينة ببركة عظيمة
من حيث يزرع في أرضها القطن والسمسم والبطّيخ والخيار والدخن والكرم والمشمش
والتفاح والتين عذيا يسقى بماء المطر ، فيأتي غضّا رويّا يفوق ما يسقى بالسيح في
غيرها من البلاد ؛ قال كشاجم :
أرتك يد
الغيث آثارها
وأخرجت الأرض
أزهارها
وما منعت
جارها بلدة
كما منعت حلب
جارها
هي الخلد
يجمع ما تشتهي
فزرها ،
فطوبى لمن زارها
والمدينة
مسوّرة بحجر أسود ، وفي جانب السور قلعة حصينة لأن المدينة في وطاء من الأرض. وفي
وسطها جبل مدوّر مهندم والقلعة عليه. ولها خندق عظيم وصل حفرد إلى الماء ، وفي
وسطه مصانع للماء المعين وجامع وبساتين وميدان ودور كثيرة ، وفيها مقامان للخليل ،
عليه السلام ، يزاران إلى الآن.
وفيها مغارة
كان يجمع الخليل فيها غنمه. وفي المدينة مدارس ومشاهد وبيع ، وأهلها سنّية وشيعية.
وبها حجر بظاهر
باب اليهود على الطريق ، ينذر له ويصبّ عليه الماورد المسلمون واليهود والنصارى ؛
يقولون : تحته قبر نبيّ من الأنبياء ، وفي مدرسة الحلاوى حجر على طرف بركتها كأنّه
سرير ، ووسطه منقور قليلا يعتقد الفرنج فيه اعتقادا عظيما ، وبذلوا فيه أموالا فلم
يجابوا إليه.
ومن عجائبها
سوق الزجاج ، فإن الإنسان إذا اجتاز بها لا يريد أن يفارقها ،