قال أبو
الريحان الخوارزمي : إذا فرضنا أن دائرة معدل النهار تقطع كرة الأرض بنصفين :
يسمّى أحد النصفين جنوبا ، والآخر شمالا. وإذا فرضنا دائرة تعبر عن قطبي معدّل
النهار وتقطع الأرض ، صارت كرة الأرض أربعة أرباع : ربعان جنوبيّان ، وربعان
شماليّان ، فالربع الشمالي المكشوف يسمّى ربعا مسكونا ، والربع المسكون مشتمل على
البحار والجزائر والأنهار والجبال والمفاوز والبلدان والقرى ، على أن ما بقي منها
تحت قطب الشمال قطعة غير مسكونة من افراط البرد وتراكم الثلوج ، وهذا الربع
المسكون قسموه سبعة أقسام ، كلّ قسم يسمّى إقليما ، كأنّه بساط مفروش من الشرق إلى
الغرب طولا ، ومن الجنوب إلى الشمال عرضا ، وإنّها مختلفة الطول والعرض ، فأطولها
وأعرضها الإقليم الأوّل ، فإن طوله من المشرق إلى المغرب نحو من ثلاثة آلاف فرسخ ،
وعرضه من الجنوب إلى الشمال نحو من مائة وخمسين فرسخا ، وأقصرها طولا وعرضا
الإقليم السابع ، فإن طوله من المشرق إلى المغرب نحو من ألف وخمسمائة فرسخ ، وعرضه
من الجنوب إلى الشمال نحو من خمسين فرسخا.
وأمّا سائر
الأقاليم فمختلف طولها وعرضها ، وعلى الصفحة المقابلة صورة كرة الأرض بأقاليمها.
وهذه القسمة
ليست قسمة طبيعيّة ، لكنّها خطوط وهميّة وضعها الأوّلون الذين طافوا بالربع
المسكون من الأرض ، ليعلموا بها حدود الممالك والمسالك ، مثل افريدون النّبطي
واسكندر الرومي واردشير الفارسي ، وإذا جاوزوا الأقاليم