responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سير اعلام النبلاء - ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 283
وَجَمَعَ "الأَرْبَعِيْنَ" لِنَفْسِهِ، وَدرَّسَ بِمَدْرَسَةِ جَدِّه، وَبِالمَدْرَسَةِ الشَّاطِئَةِ وَتَكلّم فِي الْوَعْظ، وَأَلَّف فِي التَّصَوُّف، وَوَلِيَ القَضَاءَ لِلظَّاهِر بِأَمْرِ اللهِ، وَأَوَائِل، دَوْلَة المُسْتَنْصِر، ثُمَّ عُزِلَ.
قَالَ الضِّيَاءُ: هُوَ فَقِيْهٌ، كَرِيْمُ النَّفْسِ، خَيِّرٌ.
وَقَالَ ابْنُ النَّجَّارِ: قَرَأَ الخلافات عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ بنِ أَبِي عَلِيٍّ النُّوْقَانِيِّ الشَّافِعِيِّ، وَبُنِيت لَهُ دَكَّة بِجَامِعِ القَصْرِ لِلْمُنَاظَرَة، وَوَعَظَ، فَكَانَ لَهُ قبولٌ تَامٌّ، وَأُذِنَ لَهُ فِي الدُّخُول عَلَى الأَمِيْرِ أَبِي نَصْرٍ مُحَمَّدِ ابْنِ النَّاصِرِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ لِسَمَاعِ المُسْنَدِ بِإِجَازته مِنَ النَّاصِر وَالِدِه فَأَنِسَ بِهِ، فَلَمَّا اسْتُخلِفَ لُقِّبَ بِالظَّاهِرِ فَقلَّدَ القَضَاءَ أَبَا صَالِحٍ سنة اثنتين وعشرين، فستر السِّيرَةَ الحَسَنَةَ، وَسَلكَ الطَّرِيقَةَ المُسْتَقِيمَةَ، وَأَقَامَ نَامُوسَ الشرع، ولم يحاب أحدًا، لا مَكَّنَ مِنَ الصِّيَاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَكَانَ يَمضِي إِلَى الجُمُعَةِ مَاشِياً، وَيَكْتُب الشُّهُودُ مِنْ دَوَاتِه في الجلس، فَلَمَّا اسْتُخلفَ المُسْتَنْصِرُ أَقرَّهُ أَشْهُراً وَعَزَلَهُ. وَرَوَى الكَثِيْرَ، وَكَانَ ثِقَةً، مُتحرِّياً، لَهُ فِي المَذْهَبِ اليَدُ الطُّوْلَى، وَكَانَ لَطِيفاً مُتَوَاضِعاً، مَزَّاحاً كَيِّساً، وَكَانَ مِقْدَاماً رَجُلاً مِنَ الرِّجَالِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ فِي دَارِ الوَزِيْرِ القُمِّيِّ، وَهُنَاكَ جَمَاعَةٌ، إذ دخل رجل ذو هيبة، فَقَامُوا لَهُ وَخَدَمُوْهُ، فَقُمْتُ وَظننتُه بَعْض الفُقَهَاء، فَقِيْلَ: هَذَا ابْنُ كَرَمٍ اليَهُوْدِيُّ عَامِلُ دَارِ الضَّرْبِ، فَقُلْتُ لَهُ: تَعَالَ إِلَى هُنَا، فَجَاءَ، وَوَقَفَ، فَقُلْتُ: وَيْلَكَ! تَوَهَّمْتُكَ فَقِيْهاً فَقُمْتُ إِكرَاماً لَكَ، وَلَسْتَ -وَيْلَكَ- عِنْدِي بِهَذِهِ الصِّفَةِ، ثُمَّ كَرَّرتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَائِمٌ يَقُوْلُ: اللهُ يَحفظُكَ! اللهُ يُبقِيكَ! ثُمَّ قُلْتُ لَهُ: اخْسَأْ هُنَاكَ بَعِيداً عَنَّا، فَذَهَبَ.
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ: أَنَّهُ رُسِمَ لَهُ بِرِزْقٍ مِنَ الخَلِيْفَةِ، وَأَنَّهُ زَارَ يَوْمَئِذٍ قَبْرَ الإِمَامِ أَحْمَدَ، فَقِيْلَ لِي: دُفِعَ رَسْمُكَ إِلَى ابْنِ تُوْمَا النَّصْرَانِيِّ، فَامضِ إِلَيْهِ فَخُذْهُ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لاَ أَمضِي وَلاَ أَطلبه. فَبقِي ذَلِكَ الذَّهَبُ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ قُتِلَ -إِلَى لَعنَةِ اللهِ- فِي السَّنَةِ الأُخْرَى، وَأُخِذَ الذَّهَبُ مِنْ دَارِهِ، فَنفذ إِلَيَّ.
تُوُفِّيَ أَبُو صَالِحٍ فِي سَادِسَ عَشَرَ شَوَّالٍ سنة ثلاث وثلاثين وست مائة، وَدُفِنَ عِنْدَ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، فَقِيْلَ: إِنَّهُ دُفِنَ مَعَهُ فِي قَبْرِهِ، فَعَلَ ذَلِكَ الرَّعَاعُ، فَقُبِضَ عَلَى مَنْ فَعَل ذَلِكَ وَعُوقِبَ وَحُبِسَ، ثُمَّ نُبِشَ أَبُو صَالِحٍ لَيلاً بَعْدَ أَيَّامٍ وَدُفِنَ -رَحِمَهُ اللهُ- وَحْدَهُ.
وَقَدْ رَوَى عَنْهُ بالإجازة: الفخر بن عَسَاكِرَ، وَإِبْرَاهِيْمُ بنُ حَاتِمٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ سُلَيْمَانَ، وَالقَاضِي الحَنْبَلِيُّ، وَسَعْدُ الدِّيْنِ، وَعِيْسَى المُطَعِّمُ، وَأَبُو بَكْرٍ بنُ عَبْدِ الدَّائِمِ، وَأَبُو العَبَّاسِ ابْنُ الشِّحْنَةِ، وَأَبُو نَصْرٍ ابْنُ الشيرَازِيِّ، وَآخَرُوْنَ.
أَخْبَرَنَا أَبُو المَعَالِي أَحْمَدُ بنُ إِسْحَاقَ بِقِرَاءتِي: أَخْبَرَكُم نَصْرُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَتْنَا فَاطِمَةُ بِنْتُ عَلِيٍّ الوقَايَاتِيِّ سَنَة تِسْعٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ، قَالَتْ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ المُظَفَّرِ التَّمَّارُ، أَخْبَرَنَا أَبُو القَاسِمِ الحُرْفِيُّ، أَخْبَرَنَا حَمْزَةُ بنُ مُحَمَّدٍ الدِّهْقَانُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عِيْسَى بنِ حَيَّانَ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحِلٌّ الضَّبِّيُّ: سَمِعْتُ عَدِيَّ بنَ حَاتِمٍ يُحَدِّثُنَا عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "اتقوا النار بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ" [1].

[1] صحيح: أخرجه البخاري "1413"، ومسلم "1016" "68"، والنسائي "5/ 74، 75".
نام کتاب : سير اعلام النبلاء - ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 283
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست