responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سير اعلام النبلاء - ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 246
نَجدَة، فَتمرض، وَمَاتَ عَلَى عَكَّا، فَأَعْطَى السُّلْطَان مُظَفَّر الدِّيْنِ إِرْبِل وَشهرزور، وَاسْترد مِنْهُ حَرَّان وَالرُّهَا.
وَكَانَ مُحِبّاً لِلصَّدقَة، لَهُ كُلّ يَوْم قنَاطير خُبْز يُفرِّقهَا، وَيَكسو فِي العَامِ خلقاً وَيُعْطِيهُم دِيْنَاراً وَدِيْنَارَيْنِ، وَبَنَى أَرْبَع خَوَانك لِلزَّمْنَى وَالأَضرَّاء، وَكَانَ يَأْتيهِم كُلّ اثْنَيْنِ وَخَمِيْس وَيَسْأَل كل واحد عن حاله ويتفقده ويبساطه وَيَمزح مَعَهُ. وَبَنَى دَاراً لِلنِّسَاءِ، وَدَاراً لِلأَيتَامِ، ودارًا للقطاء، ورتب بها وَارد، وَيُعْطَى كُلّ مَا يَنْبَغِي لَهُ. وَبَنَى مَدْرَسَةً لِلشَّافِعِيَّة وَالحَنَفِيَّة وَكَانَ يَمدّ بِهَا السِّمَاط، وَيَحضر السَّمَاع كَثِيْراً، لَمْ يَكُنْ لَهُ لَذَّة فِي شَيْءٍ غَيْره. وَكَانَ يَمْنَع مِنْ دُخُوْلِ مُنْكَرٍ بَلَدَهُ، وَبَنَى لِلصُّوْفِيَة رِبَاطَينِ، وَكَانَ يَنْزِل إِلَيْهِم لأَجْل السَّمَاعَات. وَكَانَ فِي السَّنَةِ يَفْتَكُّ أَسرَى بِجُملَةٍ وَيُخْرِجُ سَبِيلاً لِلْحَجِّ، وَيَبعثَ لِلمُجَاوِرِيْنَ بِخَمْسَةِ آلاَف دِيْنَارٍ، وَأَجرَى المَاء إِلَى عرفَات.
وَأَمَّا احتفَاله بِالمَوْلِدِ فَيَقْصُر التَّعْبِيْر عَنْهُ؛ كَانَ الْخلق يَقصدُوْنَهُ مِنَ العِرَاقِ وَالجَزِيْرَة وَتُنْصَب قِبَاب خَشَب لَهُ وَلأَمرَائِهِ وَتُزَيَّن، وَفِيْهَا جوق المغَانِي وَاللّعب، وَيَنْزِل كُلّ يَوْمٍ العَصرَ فَيَقِف عَلَى كُلّ قُبَّة وَيَتفرج، وَيَعْمَل ذَلِكَ أَيَّاماً، وَيُخْرِجُ من البقر والإبل الغنم شَيْئاً كَثِيْراً فَتُنْحَر وَتُطْبَخ الأَلوَان، وَيَعْمَل عِدَّة خِلَع لِلصُّوْفِيَة، وَيَتكلَّم الوُعَّاظ فِي المَيْدَان، فَيُنفق أَمْوَالاً جَزِيْلَة. وَقَدْ جَمَعَ لَهُ ابْن دِحْيَة "كِتَاب المَوْلِد"، فَأَعْطَاهُ أَلف دِيْنَار.
وَكَانَ مُتَوَاضِعاً، خَيِّراً، سُنِّيّاً، يُحبّ الفُقَهَاء وَالمُحَدِّثِيْنَ، وَرُبَّمَا أَعْطَى الشُّعَرَاء، وَمَا نُقِلَ أَنَّهُ انْهَزَم فِي حَرْب، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا وَأَمثَاله ابْنُ خَلِّكَانَ وَاعْتَذَرَ مِنَ التَّقْصِير.
مَوْلِدُهُ فِي المُحَرَّمِ سَنَةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَخَمْس مائَة بِإِرْبِل.
قَالَ ابْنُ السَّاعِي: طَالت عَلَيْهِ مُدَارَاة أَوْلاَد العَادل، فَأَخَذَ مَفَاتيح إِرْبِل وَقِلاعهَا، وَسَلَّم ذَلِكَ إِلَى المُسْتَنْصِر، فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ. قَالَ: فَاحتفلُوا لَهُ، وَاجْتَمَعَ بِالخَلِيْفَةِ، وَأَكْرَمَهُ، وَقلَّدهُ سَيْفَيْنِ وَرَايَاتٍ وَخِلَعاً وَسِتِّيْنَ أَلْفَ دِيْنَار.
وَقَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ: كَانَ مُظَفَّر الدِّيْنِ يُنفق فِي السَّنَةِ عَلَى المَوْلِد ثَلاَث مائَة أَلْف دِيْنَار، وَعَلَى الخَانْقَاه مائَتَيْ أَلفِ دِيْنَار، وَعَلَى دَار الْمضيف مائَة أَلْف. وعد من هذا الخسف أشياء.
وَقَالَ: قَالَ مَنْ حضَر المَوْلِد مرَّة: عددت عَلَى سِمَاطه مائَة فَرَس قشلمِيش، وَخَمْسَة آلاَف رأس مشوي، وَعَشْرَة آلاَف دَجَاجَة، وَمائَة أَلْف زُبديَة، وَثَلاَثِيْنَ أَلْفَ صحْن حلوَاء.
قُلْتُ: مَا أَعْتَقِد وُقُوع هَذَا، فَعُشر ذَلِكَ كَثِيْر جِدّاً.
وَقَدْ حَدَّثَ عن حنيل المُكَبِّر.
قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: مَاتَ لَيْلَةَ الجُمُعَة، رَابِعَ عَشَرَ رَمَضَان، سَنَةَ ثَلاَثِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَعُمِلَ فِي تَابوت، وَحُمِلَ مَعَ الحُجَّاج إِلَى مَكَّةَ، فَاتَّفَقَ أَنَّ الوَفْد رَجَعُوا تِلْكَ السّنَة لِعدم المَاء، فَدُفِنَ بِالكُوْفَةِ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَعَاشَ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِيْنَ سَنَةً.
وَعَاشَ أَبُوْهُ فَوْقَ المائَةِ، وَعَمِي وَأَصَمّ، وَكَانَ مِنْ كِبَارِ الدَّوْلَة الأَتَابَكيَة، مَا انْهَزَم قَطُّ. وَمَدَحَهُ الحَيْصَ بَيْصَ، فَقَالَ: مَا أَعْرفُ مَا تَقُوْلُ، وَلَكِنِّي أَدْرِي أَنَّك تُرِيْدُ شَيْئاً! وَأَمَرَ لَهُ بِخِلْعَةٍ وَفَرَسٍ وخمس مائة دينار.

نام کتاب : سير اعلام النبلاء - ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 246
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست