responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سير اعلام النبلاء - ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 12  صفحه : 550
فَعتَا وتَمَرَّد، وَفسقَ وتهتَّك، وَلَمْ يَزَلْ بالمؤيَّد بِاللهِ حَتَّى خَلَعَ نَفْسَه مِنَ الخِلاَفَةِ، وفوَّضها إِلَى شَنشولَ هَذَا مُكْرَهاً، فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَة تِسْعٍ وَتِسْعِيْنَ وَثَلاَثِ مائَةٍ.
وَمن قصَة شنشول -وَيُقَالُ: شَنجولُ- وَهُوَ أَصحّ, أنَّ أَبَاهُ المَنْصُوْر غَزَا غَزْوَةَ البررت، وَهُوَ مَكَانٌ مضيقٌ بَيْنَ جَبَلَين, لاَ يمْشِيه إلَّا فَارسٌ بَعْد فَارس، فَالتَقَى الرُّوْمُ هُنَاكَ، ثُمَّ نَزَلَ، وَأَمر برفعِ الخيَامِ, وَبنَاءِ الدُّورِ وَالسُّور، واختطَّ قَصْراً لِنَفْسِهِ، وَكَتَبَ إِلَى ابْنِهِ وَمَوْلاَهُ وَاضِحٍ بِالنِّيَابَةِ عَلَى البِلاَدِ، يَقُوْلُ فِي كِتَابِهِ: وَلَمَّا أَبصرتُ بلاَد أَرغون اسْتَقصرتُ رَأْي الخُلَفَاءِ فِي تَرْكِ هَذِهِ المَمْلَكَة العَظِيْمَة, فلمَّا عَلِمَتِ الرُّوْمُ بِعَزْمِه رَغِبُوا إِلَيْهِ فِي أَدَاء القطِيْعَةِ، فَأَبَى عَلَيْهِم إلَّا أَنْ يهبُوهُ ابْنَةَ مَلِكِهِم الَّذِي مِنْ ذُرِّيَّة هِرقل، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا لَعَارٌ, فَالتقوهُ فِي أُمَمٍ لاَ تُحْصَى فِي وَسَطِ بِلاَدهم، وَهُوَ فِي عِشْرِيْنَ أَلْف فَارس، فَكَانَ للمُسْلِمِيْنَ جَوْلَةٌ، فثبتَ المَنْصُوْرُ وَولدَاهُ، وَكَاتبه ابْنُ برد، وَالقَاضِي ابْنُ ذَكْوَان فِي جَمَاعَةٍ، فَأَمَرَ أَنْ تُضْرَبَ خَيْمَةٌ لَهُ، فَرَآهَا المُسْلِمُوْنَ، فَتَرَاجَعُوا، فَهَزَمَ اللهُ الكَافرينَ، وَنَزَلَ النَّصْرُ، ثُمَّ حَاصَرَ مَدِينَةً لَهُم، فلمَّا همَّ بِالظَّفَر بَذَلُوا لَهُ ابْنَةَ المَلِكِ، وَكَانَتْ فِي غَايَة الجَمَال وَالعَقْلِ، فلمَّا شَيَّعَهَا أَكَابِرُ دَوْلَتهَا سَأَلُوهَا البِرَّ وَالعنَايَةَ بِهِم، فَقَالَتْ: الجَاهُ لاَ يُطْلَبُ بِأَفخَاذِ النِّسَاء, بَلْ بِرِمَاحِ الرِّجَال. فَوَلَدَتْ لِلْمَنْصُوْرِ شنجولَ هَذَا، وَهُوَ لَقَبٌ لِجَدِّه لأُمِّهِ لُقِّب هُوَ بِهِ.
وَمن مفَاخر المَنْصُوْر: أَنَّهُ قَدِمَ مِنْ غَزْوَةٍ فتعرَّضت له امرأة عند الْقصر، فَقَالَتْ: يَا مَنْصُوْرُ! يَفْرَحُ النَّاسُ وَأَبكِي? إِنَّ ابْنِي أَسِيْرٌ فِي بِلاَدِ الرُّوْم. فثنَى عِنَانَه وَأَمَرَ النَّاسَ بِغَزْو الجِهَةِ الَّتِي فِيْهَا ابْنُهَا.
وَقَدْ عَصَاهُ مرَّةً وَلدٌ لَهُ، فَهَرَبَ وَلجأَ إِلَى مَلِكِ سَمّورَةَ، فَغَزَاهَا المَنْصُوْرُ وَحَاصَرَهَا، وَحَلَفَ ألَّا يَرْحَلَ إلَّا بِابنِهِ، فَسَلَّمُوهُ إِلَيْهِ، فَأَمَرَ بِقَتْلِهِ، فَقُتِلَ بِقُرْبِ سَمُّورَةَ.
وَمن رُجْلَة المَنْصُوْرِ: أَنَّهُ أُحِيْطَ بِهِ فِي مَدِيْنَةِ فُتَّة، فَرَمَى بِنَفْسِهِ مِنْ أعَلَى جَبَلِهَا، وَصَارَ فِي عَسْكَرِهِ، فَبَقِيَ مُفْدَعَ القَدَمِين لاَ يَرْكَبُ، إِنَّمَا يُصْنَعُ لَهُ مَحْمَلٌ عَلَى بغلٍ يُقَادُ بِهِ فِي سَبْعِ غَزَوَاتٍ, وَهُوَ بَضْعَةُ لَحْمٍ، فَانْظُرْ إِلَى هَذِهِ الهمَّة العليَّة، وَالشَّجَاعَةِ الزَّائِدَة.
وَكَانَ مَوْتُه آخِرَ الصَّلاَحِ وَأَوّلَ الفَسَادِ بِالأَنْدَلُسِ؛ لأَنَّ أَفعَالَه كَانَتْ حَسَنَةً فِي الحَالِ، فَاسِدَةً فِي المآلِ، فَكَانَتْ قبله القبَائِلُ، كُلُّ قَبِيْلَةٍ فِي مَكَانٍ، فَإِذَا كَانَ غَزْو وَضعتِ الخُلَفَاءُ عَلَى كُلِّ قَبِيْلَةٍ عَدَداً، فيغزُونَ، فلمَّا اسْتولَى المَنْصُوْرُ أَدخل مِنْ صِنْهَاجَة وَنَفْزنَ عِشْرِيْنَ أَلْفاً إِلَى الأَنْدَلُسِ، وَشَتَّتَ العَرَبَ عَنْ مَوَاضِعِهَا، وَأَخْمَلَهُم، وَأَبقَى عَلَى نَفْسه؛ لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ بُيُوتِ المُلْكِ، ثُمَّ قتلَ فِي بَنِي أُمَيَّةَ جَمَاعَةً، وَاحتَاطَ عَلَى المُؤَيَّدِ، وَمَنَعَهُ مِنَ الاجْتِمَاعِ بِأَحَدٍ، وَرُبَّمَا

نام کتاب : سير اعلام النبلاء - ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 12  صفحه : 550
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست