responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سير اعلام النبلاء - ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 12  صفحه : 347
ادْخُلْ, فَدَخَلتُ, وَلَمْ يَرَنِي النَّاسُ, وَغسلتُ وَجْهِي وَيَدِيَّ, فَإِذَا الأَمِيْرُ قَدِ أَقبلَ يَطلُبُنِي, فَدَخَلَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ, وجَرَّ مِنْ منطقتِهِ سكِّيناً, وَحَلَفَ بِاللهِ إِنْ أَمسكَنِي أَحدٌ لأقتلنَّ نَفْسِي، وضربَ بِيَدِهِ رَأْسَهُ وَوَجْهَهُ مائَةَ صفعَةٍ, حَتَّى منعتُهُ أَنَا, ثُمَّ اعتذرَ وَجَهَدَ بِي أَنْ أَقبلَ شَيْئاً, فَأَبيتُ، وَهربتُ لِيَومِي, فحدَّثت بَعْضَ المشَايخِ فَقَالَ: هَذَا عقوبَةُ انفرَادِكَ. فَمَا دَخَلتُ بَلَداً فِيْهِ فُقَرَاءٌ إلَّا قَصَدْتُهُم.
قَالَ ابْنُ بَاكَوَيْه: سَمِعْتُ ابنَ خَفِيْفٍ -وَقَدْ سأَلَهُ قَاسِمُ الإِصْطَخْرِيُّ عَنِ الأَشعرِيِّ- فَقَالَ: كُنْتُ مرَّةً بِالبَصْرَةِ جَالِساً مَعَ عَمْرِو بنِ عَلَّوَيْه عَلَى سَاجَةٍ فِي سَفِيْنَةٍ, نتذَاكَرُ فِي شَيْءٍ, فَإِذَا بِأَبِي الحَسَنِ الأَشعرِيِّ قَدْ عَبَر وسَلَّم عَلَيْنَا, وَجَلَسَ فَقَالَ: عَبَرْتُ عليكُمْ أَمسُ فِي الجَامعِ, فرَأَيتُكُمْ تتكلَّمُوْنَ فِي شَيْءٍ, عرفتُ الأَلفَاظَ وَلَمْ أَعرف المَغْزَى, فَأُحبُّ أَنْ تعيدُوهَا عليَّ, قُلْتُ: وَفِي أَيِّ شَيْءٍ كنَّا؟ قَالَ: فِي سُؤَالِ إِبْرَاهِيْمَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} [البَقَرَة: 260] وَسؤَالِ مُوْسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْك} [الْأَعْرَاف: 143] . فَقُلْتُ: نَعَمْ. قُلْنَا: إنَّ سُؤَالَ إِبْرَاهِيْمَ هُوَ سُؤَالُ مُوْسَى, إلَّا أَنَّ سُؤَالَ إِبْرَاهِيْمَ سُؤَالُ متمكِّن، وَسؤَالَ مُوْسَى سُؤَالُ صَاحِبِ غَلَبَةٍ وَهَيَجَانٍ, فَكَانَ تصريحاً، وَسؤَالُ إِبْرَاهِيْمَ كَانَ تعريضاً, وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: {أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى} فَأَرَاهُ كيفيَّةَ المَحْيَى، وَلَمْ يُرِهِ كيفيَّةَ الإِحيَاءِ؛ لأَنَّ الإِحيَاءَ صفتُهُ تَعَالَى, وَالمَحْيَى قُدرَتُهُ, فَأَجَابَهُ إِشَارَةً كَمَا سأَلَهُ إِشَارَةً, إلَّا أَنَّهُ قال في الآخر {وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ} فَالعزيزُ المنيعُ. فَقَالَ أَبُو الحَسَنِ: هَذَا كَلاَمٌ صَحِيْحٌ, ثُمَّ إِنِّيْ مشيتُ مَعَ أَبِي الحَسَنِ، وَسَمِعْتُ منَاظرتَهُ, وَتعجَّبْتُ مِنْ حُسْنِ منَاظرتِهِ حِيْنَ أَجَابَهُم.
قَالَ أَبُو العَبَّاسِ الفَسَوِيُّ: صنَّف شيخُنَا ابْنُ خَفِيْفٍ مِنَ الكُتُبِ مَا لَمْ يصنِّفْهُ أَحدٌ، وَانتفعَ بِهِ جَمَاعَةٌ صَارُوا أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ, وعُمِّر حَتَّى عمَّ نفعُهُ البلدَانَ.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ عَبْدُ الرَّحِيْمِ خَادمُ ابْنِ خَفِيْفٍ: سَمِعْتُ الشَّيْخ يَقُوْلُ: سَأَلنَا يومًا أبو العباس ابن سُرَيْجٍ بِشِيرَازَ، وَنَحْنُ نحضرُ مَجْلِسَهُ للفِقْهِ, فَقَالَ: أَمحبَّةُ اللهِ فرضٌ أَوْ لَا؟ فَقُلْنَا: فرضٌ. قَالَ: مَا الدَّلِيْلُ؟ فَمَا فِيْنَا مَنْ أَجَابَ بِشَيْءٍ, فسأَلنَاهُ فَقَالَ: قولُهُ تَعَالَى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُم} إِلَى قولِهِ: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِه} [التَّوبة: 24] . قَالَ: فَتَوَعَّدَهُم اللهُ عَلَى تفْضِيْلِ محبَّتِهِم لِغيرِهِ عَلَى مَحَبَّتِهِ، وَالوعيدُ لاَ يقعُ إلَّا عَلَى فرضٍ لاَزمٍ.
قَالَ ابْنُ بَاكَوَيْه: سَمِعْتُ ابنَ خَفِيْفٍ يَقُوْلُ: كُنْتُ فِي بِدَايَتِي رُبَّمَا أَقرأُ فِي رَكْعَةٍ وَاحدَةٍ عَشْرَةَ آلاَفِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد} وَرُبَّمَا كُنْتُ أَقرأُ فِي رَكْعَةٍ القُرَآنَ كُلَّهُ.

نام کتاب : سير اعلام النبلاء - ط الحديث نویسنده : الذهبي، شمس الدين    جلد : 12  صفحه : 347
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست