responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حليه البشر في تاريخ القرن الثالث عشر نویسنده : البيطار، عبد الرزاق    جلد : 1  صفحه : 819
ويصيرون كلهم عسكراً لنصرة الإسلام، ويقوى عزمهم على قتال أعدائهم من القوم الكافرين. وأما إذا تبسط الخليفة في مال المسلمين، وتبعه الوزراء والأمراء والقضاة والعلماء، فلا تطيب قلوب بقية المسلمين ببذل أموالهم وأنفسهم وأولادهم في قتال الكافرين، حيث يرون ملوكهم لم يساووهم، وما كان انتصار الصحابة على القوم الكافرين وفتحهم البلاد الواسعة مع الاتحاد واتفاق الكلمة، إلا بسبب مساواة أمرائهم لهم في جميع شؤونهم، وما حصل افتراق الكلمة وعدم ائتلاف القلوب، إلا لما استبد الملوك بالأموال وتبسطوا فيها، وترفعوا على بقية المسلمين وأكثروا من المكوسات والظلم بأخذ أمواله، وصرفوها في غير مصارفها، فشق على المسلمين تميزهم عنهم وترفعهم عليهم بأموالهم التي أخذوها منهم بغير حق.
ولا يظن ظان أن الخلفاء الراشدين إنما فتحوا الأمصار وانتصروا على الكفار بكثرة الصلاة والصيام، بل إنما كان ذلك بزهدهم في الدنيا وعدم تبسطهم بها وعدلهم في بيت المال، والحرص على مساواتهم للمسلمين، فطابت قلوب بقية المسلمين فبذلوا أموالهم وأنفسهم وأولادهم وجاهدوا الكفار وفتحوا البلاد، حتى كان الغزاة يتجهزون للغزو من أموال أنفسهم ويجهزون منها غيرهم إن قدروا على ذلك، ونفوسهم طيبة بذلك، وتأبى نفوسهم أن يأخذوا من بيت المال شيئاً إذا كان لهم ما يفي بذلك، لأنهم يرون أمراءهم مساوين لهم في جميع تلك الشؤون، وإذا سلك الخليفة والأمراء والعلماء هذا المسلك يرتفع عن المسلمين المكوسات والضرائب، وينتفي عنهم جور الحكام، لأنهم إنما يجورون عليهم ليتبسطوا في أموالهم ويتلذذوا بها، وإذا ساوى الحكام رعاياهم وعدلوا في بيت المال، تسخى نفوس الأغنياء بإعطاء الفقراء ويواسونهم، وتقنع نفوس الجميع بأقل القليل، فلا يبقى في المسلمين فقير، وينقاد الناس للحق وينصفون من أنفسهم،

نام کتاب : حليه البشر في تاريخ القرن الثالث عشر نویسنده : البيطار، عبد الرزاق    جلد : 1  صفحه : 819
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست