responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ بغداد ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 6  صفحه : 522
3012 - إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن بشير بْن عَبْد اللَّهِ بْن ديسم أَبُو إِسْحَاق الحربي ولد فِي سنة ثمان وتسعين ومائة، وسمع أبا نعيم الفضل بْن دكين، وعفان بْن مسلم، وعبد اللَّه بْن صَالِح العجلي، ومُوسَى بْن إسماعيل التبوذكي، وأبا عُمَر الحوضي، ومسددا، وعبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن عائشة، وعمرو بْن مرزوق، وسعيد بْن سُلَيْمَان الواسطي، وعلي بْن الجعد، وخلف بْن هِشَام، وعاصم بْن عَلِيّ، ومحمد بْن مقاتل الْمَرْوَزِيُّ، وأَحْمَد بْن يونس، ومحمد بْن بكار بْن الريان، وقتيبة بْن سَعِيد، ويحيى ابْن الحماني، وأَحْمَد بْن حَنْبَل، وعثمان بْن أَبِي شيبة، وعبيد اللَّه القواريري، وخلقا من أمثالهم.
روى عنه: مُوسَى بْن هارون الحافظ، ويحيى بْن صاعد، وأبو بكر بْن أَبِي داود، وَالحسين المحاملي، ومحمد بْن مخلد، وأبو بكر ابْن الأنباري النحوي، وإبراهيم بْن حبيش بْن دينار، وعثمان بْن عبدويه، وعبيد اللَّه بْن أَحْمَد بْن بكير، وأبو عمرو ابْن السماك، وأَحْمَد بْن سلمان النجاد، وأبو عُمَر الزاهد صاحب ثعلب، وأبو سهل بْن زياد، ومحمد بْن عَلِيّ بْن علون المقرئ، والقاضي أبو الحسين ابن الأشناني، ومحمد بن عبد الله الشافعي، وعمر بن جعفر بن سلم، وأبو بكر بن مالك القطيعي، وغيرهم.
وكان إماما في العلم، رأسا في الزهد، عارفا بالفقه، بصيرا بالأحكام، حافظا للحديث، مميزا لعلله، قيما بالأدب، جماعا للغة، وصنف كتبا كثيرة منها: غريب الحديث، وغيره، وكان أصله من مرو.
قرأت في كتاب أبي بكر محمد بن عبد الله بن بشران بخطه سمعت أبا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن حبيش، يقول: سمعت أبا إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن بشير بْن عَبْد اللَّهِ بْن ديسم الْمَرْوَزِيُّ، قَالَ: أمي تغلبية، وكَانَ أخوَالي نصارى أكثرهم، فقلت له: لم سميت إِبْرَاهِيم الحربي؟ فَقَالَ: صحبت قوما من الكرخ عَلَى الحَدِيث، وعندهم ما جاز قنطرة العتيقة من الحربية، فسموني الحربي بذلك، وَقَالَ: قطائعنا فِي المراوزة، يَعْنِي عندنا فِي الكابلية، كَانَ لي فِيهَا اثنين وعشرين دارا وبستانا، قال ابن حبيش: وكَانَ يصف لنا نخلة نخلة، ودارا دارا، قَالَ: فبعتها وأنفقتها عَلَى الحَدِيث، وورثت من خال لي بحولايا عشرين ومائة جريب فِيهَا رطبة، فلم أفرغ لها، ولا ذهبت أخذت منها لا أصلا ولا فرعا، فذهبت إِلَى الآن.
(1910) -[6: 524] أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَرَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمَحَامِلِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْوَرَّاقُ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَنْبَسِ زَادَ ابْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَعِيدَ بْنَ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: " كُنْتُ أُفْرِكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، هَذَا حَدِيثُ ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَقَالَ: إِبْرَاهِيمُ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: " إِنْ كُنْتُ لأَحُكُّ الْمَنِيَّ، وَقَالَت بِإِصْبَعِهَا فِي رَاحَتِهَا لَمْ تَزِدْنَا عَلَى هَذَا شَيْئًا "
أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن أَبِي جَعْفَر، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أيوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم بْن الخليل الجلاب، قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم الحربي، يقول: رأيت أبا سلمة الخزاعي الَّذِي روى عنه: أَحْمَد بْن حَنْبَل، ولم أسمع منه، وكَانَ ينزل ربض حمزة، ورأيت يَحْيَى بْن غيلان، وكَانَ ينزل دار أَبِي زيد، ولم أسمع منه، وكَانَ عنده، عَن أَبِي عوانة، ومفضل، وكل طير عندنا فاره فهو من حمام يَحْيَى بْن غيلان، قيل له: رأيت أبا كامل، يعني مظفر بْن مدرك قَالَ: لا لم أره، وكَانَ ينزل عندنا ها هنا، ومات فِي سنة مات روح بْن عبادة، وكَانَ يسمع منه أَحْمَد بْن حَنْبَل، ويحيى بْن معين، وكَانَا أول ما جاءا إليه لم يحدثهم سنة شيئا، فعدوا الأيام فلما تمت سنة جاءوا فحدثهم، وكَانَ ثقة ليس بِهِ بأس.
أَخْبَرَنِي عَلِيّ بْن أَحْمَد الرزاز، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن إِبْرَاهِيم الشافعي، قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم الحربي، يقول: جئت عارم بْن الفضل فطرح لي حصيرا عَلَى الباب، ثم خرج إِلَى، فَقَالَ لي: مرحبا، أيش كَانَ خبرك؟ ما رأيتك منذ مدة، قَالَ إِبْرَاهِيم: وما كنت جئته قبل ذلك، فَقَالَ لي: قَالَ ابْن المبارك: إِبْرَاهِيم، يقول: بقيت عَلَى سور الرهينة عشرين سنة أكتب.
حَدَّثَنِي الأزهري، قَالَ: سمعت أبا سعد عَبْد الرحمن بْن مُحَمَّد الإستراباذي يقول: سمعت أبا أَحْمَد بْن عدي، يقول: سمعت أبا عمران الأشيب يقول: قَالَ رَجُل لإبراهيم الحربي: كيف قويت عَلَى جميع هذه الكتب؟ قَالَ: فغضب، وَقَالَ: بلحمي ودمي، بلحمي ودمي.
أَخْبَرَنِي عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري، قَالَ: سمعت أبا بكر الشافعي، يقول: قَالَ إِبْرَاهِيم الحربي: ما أخذت عَلَى علم قط أجرا إلا مرة واحدة، فإني وقفت عَلَى بقال، فوزنت له قيراطا إلا فلسا، فسألني عَن مسألة فأجبته، فَقَالَ للغلام: أعطه بقيراط ولا تنقصه شيئا، فزادني فلسا.
أيها الطالب علما ائت حماد بْن زيد
فاستفد حلما وعلما ثم قيده بقيد
وَالقيد بقيد، وجعل يشير عَلَى أصبعه مرارا، فعلمت أنه قد اختلط، فتركته وانصرفت.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن علان الشروطي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيّ عِيسَى بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عمر بْن عَبْد الملك بْن عَبْد العزيز بْن جريج الطوماري، قَالَ: جئت إِلَى إِبْرَاهِيم الحربي وقد فاتني حَدِيث، فأخذته وجئت إليه، فقلت له: قد فاتني هذا الحَدِيث، فَقَالَ لي: ضعه عَلَى رأسك، فوضعت الجزء عَلَى رأسي، وكَانَ إِلَى جنبه مُحَمَّد بْن خلف وكيع، فَقَالَ له: يا سيدي هذا من ولد عَبْد الملك بْن جريج، فأدناني، ثم قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن منصور، قَالَ: حَدَّثَنَا عفان، ثم قَالَ لوكيع: لو قلت لَكَ حَدَّثَنَا عفان من أين كنت تعلم؟ فَقَالَ رَجُل من أهل خراسان: يا أبا إِسْحَاق، لو قلت فِيما لم تسمع من عفان ما حول اللَّه هذه الوجوه إليك.
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد المروروذي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن مُحَمَّد الحافظ، بنيسابور، قَالَ: سمعت أبا عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الصفار، يقول: سمعت إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق الحربي، وحدث عَن حميد بْن زنجويه، عَن عَبْد اللَّهِ بْن صَالِح العجلي بحَدِيث، فَقَالَ: اللهم لَكَ الحمد، ورفع يديه، فحمد اللَّه، ثم قَالَ: عندي عَن عَبْد اللَّهِ بْن صَالِح العجلي قمطر، وليس عندي عَن حميد غير هذا الطبق، وأَنَا أَحْمَد اللَّه عَلَى الصدق، قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ الحافظ: زادني فِيهِ بعض أصحابنا عَن أَبِي عَبْد اللَّهِ الصفار، قَالَ: فقام رَجُل من المجلس، فَقَالَ: يا أبا إِسْحَاق لو قلت فِيما لم تسمع سمعت لم يقبل اللَّه بهذه الوجوه عليك.
حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بْن عَلِيّ الوراق، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد اللَّهِ بْن جهضم الهمذاني، قَالَ: حَدَّثَنَا الخلدي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد اللَّهِ بْن خالد بْن ماهان ويعرف بابن أسد، قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق، يقول: أجمع عقلاء كل أمة أنه من لم يجر مع القدر لم يتهنأ بعيشه، كَانَ يكون قميصي أنظف قميص وإزاري أوسخ إزار، ما حدثت نفسي أنهما يستويان قط، وفرد عقبي مقطوع وفرد عقبي الآخر صحيح، أمشي بهما وأدور بغداد كلها، هذا الجانب، وذلك الجانب لا أحدث نفسي أني أصلحها، وما شكوت إِلَى أمي، ولا إِلَى أختي، ولا إلي امرأتي، ولا إلي بناتي قط حمى وجدتها، الرجل هو الَّذِي يدخل غمه عَلَى نفسه، ولا يغم عياله، كَانَ بي شقيقة خمسا، وأربعين سنة ما أخبرت بِهَا أحدا قط، ولي عشر سنين أبصر بفرد عين ما أخبرت بِهِ أحدا، وأفنيت من عمري ثلاثين سنة برغيفِين، إن جاءتني بهما أمي أو أختي أكلت، وإلا بقيت جائعا عطشان إِلَى الليلة الثانية، وأفنيت ثلاثين سنة من عمري برغيف فِي اليوم وَالليلة، إن جاءتني امرأتي أو إحدى بناتي بِهِ أكلته، وإلا بقيت جائعا عطشان إِلَى الليلة الآخرى، وَالآن آكل نصف رغيف وأربع عشرة تمرة إن كَانَ برنيا أو نيفا وعشرين إن كَانَ دقلا، ومرضت ابنتي، فمضت امرأتي، فأقامت عندها شهرا، فقام إفطاري فِي هذا الشهر بدرهم ودانقين ونصف، ودخلت الحمام، واشتريت لهم صابونا بدانقين، فقام نفقة شهر رمضان كله بدرهم وأربعة دوانيق ونصف.
أَخْبَرَنِي عبيد اللَّه بْن أَبِي الفتح، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن أَحْمَد بْن هارون المقرئ أن أبا الْقَاسِم بْن بكير حدثه، قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم الحربي، يقول: ما كنا نعرف من هذه الأطبخة شيئا، كنت أجئ من عشي إلي عشي وقد هيأت لي أمي باذنجانة مشوية، أو لعقة بْن أو باقة فجل.
وَقَالَ عُمَر سمعت أبا عَلِيّ الخياط المعروف بالميت، يقول: كنت يوما جالسا مع إِبْرَاهِيم عَلَى باب داره، فلما أن أصبحنا، قَالَ لي: يا أبا عَلِيّ، قم إِلَى شغلك فإن عندي فجلة قد أكلت البارحة خضرتها أقوم أتغذى بجزرتها.
حَدَّثَنِي أَبُو الْقَاسِم الأزهري، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن حمدان، قَالَ: سمعت أبا بكر بْن أيوب العكبري، يقول: سعمت الحربي يَعْنِي إِبْرَاهِيم، يقول: ما تروحت ولا روحت قط، ولا أكلت من شيء واحد فِي يوم مرتين.
حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن مُحَمَّد بْن الْحَسَن الحربي حفظا، قَالَ: سمعت أبا الحسين بْن سمعون، يقول: قَالَ أَحْمَد بْن سلمان القطيعي: أضقت إضاقة فمضيت إِلَى إِبْرَاهِيم الحربي لأبثه ما أَنَا فِيهِ، فَقَالَ لي: لا يضيق صدرك، فإن اللَّه من وراء المعونة، وإني أضقت مرة حتى انتهى أمري فِي الإضاقة إِلَى أن عدم عيالي قوتهم، فقالت لي الزوجة: هب أني وإياك نصبر، فكيف نصنع بِهَاتين الصبيتين؟ فهات شيئا من كتبك حتى نبيعه أو نرهنه، فضننت بذاك، وقلت: اقترضي لهما شيئا، وأنظريني بقية اليوم وَالليلة، وكَانَ لي بيت فِي دهليز داري فِيهِ كتبي، فكنت أجلس فِيهِ للنسخ وَالنظر، فلما كَانَ فِي تلك الليلة إذا داق يدق الباب، فقلت: من هذا، فَقَالَ: رَجُل من الجيران، فقلت: ادخل، فَقَالَ: اطفِئ السراج حتى أدخل فكببت عَلَى السراج شيئا، وقلت: ادخل فدخل وترك إِلَى جانبي شيئا، وانصرف، فكشفت عَنِ السراج ونظرت فإذا منديل له قيمة، وفِيهِ أنواع من الطعام، وكاغد فِيهِ خمس مائة درهم، فدعوت الزوجة، وقلت: أنبهي الصبيان حتى يأكلوا، ولما كَانَ من الغد قضينا دينا كَانَ عَلَيْنَا من تلك الدراهم، وكَانَ وقت مجيء الحاج من خراسان، فجلست عَلى بابي من غد تلك الليلة، وإذا جمال يقود جملين عليهما حملان ورقا وَهُوَ يسأل عَن منزل إِبْرَاهِيم الحربي، فانتهى إلي، فقلت أَنَا إِبْرَاهِيم الحربي، فحط الحملين، وَقَالَ: هذان الحملان أنفذهما لَكَ رَجُل من أهل خراسان، فقلت: من هو؟ فَقَالَ: قد استحلفني أن لا أقول من هو.
أَخْبَرَنِي أَبُو نصر أَحْمَد بْن الحسين بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الْقَاضِي، بالدينور، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن إِسْحَاق السني الحافظ، قَالَ: سمعت أبا عثمان الرازي، يقول: جَاءَ رَجُل من أصحاب المعتضد إِلَى إِبْرَاهِيم الحربي بعشرة آلاف درهم من عند المعتضد، يسأله عَن أمر أمير المؤمنين تفرقة ذلك، فرده، فانصرف الرسول، ثم عاد، فَقَالَ: إن أمير المؤمنين يسألك أن تفرقه فِي جيرانك، فَقَالَ: عافاك اللَّه هذا مال لم نشغل أنفسنا بجمعه فلا نشغلها بتفرقته، قل لأمير المؤمنين إن تركتنا وإلا تحولنا من جوارك.
حَدَّثَنِي الأزهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بْن الْحَسَن، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مروان، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِم ابْن الجبلي، قَالَ: اعتل إِبْرَاهِيم الحربي علة حتى أشرف عَلَى الموت، فدخلت إليه يوما فَقَالَ لي: يا أبا الْقَاسِم، أَنَا فِي أمر عظيم مع ابنتي، ثم قَالَ لها: قومي اخرجي إِلَى عمك، فخرجت، فألقت عَلَى وجهها خمارها، فَقَالَ إِبْرَاهِيم: هذا عمك كلميه، فقالت لي: يا عم نحن فِي أمر عظيم، لا فِي الدُّنْيَا، ولا فِي الآخرة، الشهر وَالدهر ما لنا طعام إلا كسر يابسة وملح، وربما عدمنا الملح، وبالأمس قد وجه إليه المعتضد مع بدر ألف دينار فلم يأخذها، ووجه إليه فلان وفلان، فلم يأخذ منها شيئا، وَهُوَ عليل، فالتفت الحربي إليها، وتبسم، وَقَالَ: يا بنية إنما خفت الفقر؟ قَالَت: نعم، فَقَالَ لها: انظري إِلَى تلك الزاوية، فنظرت فإذا كتب، فَقَالَ: هناك اثنا عشر ألف جزء لغة وغريب كتبته بخطي، إذا مت فوجهي فِي كل يوم بجزء تبيعيه بدرهم، فمن كَانَ عنده اثنا عشر ألف درهم ليس هو فقير! أَخْبَرَنِي الْحَسَن بْن عَلِيّ الجوهري، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الخزاز، قَالَ: سمعت أبا عُمَر مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد اللغوي، يقول: سمعت ثعلبا، يقول: ما فقدت إِبْرَاهِيم الحربي من مجلس لغة أو نحو خمسين سنة! قَالَ أَبُو عُمَر: وسمعت ثعلبا يقول ذلك مرارا.
قَالَ مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس وسمعت أبا الحسين ابْن المنادي، يقول: سمعت أَحْمَد بْن يَحْيَى، يقول: ما فقدت إِبْرَاهِيم الحربي من مجلس نحو أو لغة خمسين سنة.
حَدَّثَنِي عبيد اللَّه بْن أَبِي الفتح، قَالَ: قَالَ عُمَر بْن أَحْمَد بْن هارون المقرئ قَالَ لنا أَبُو الْقَاسِم بْن بكير: سمعت
(1911) أَخْبَرَنَا أَبُو طَالِبٍ عُمَرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعِيدٍ الْفَقِيهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا، قَالَ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ إِسْحَاقَ الْمَعْرُوفَ بِالْحَرْبِيِّ، يَقُولُ: وَقَدْ سَأَلُوهُ عَنْ حَدِيثِ عَبَّاسٍ الْبَقَّالِ، فَقَالَ: خَرَجْتُ إِلَى الْكَبْشِ، وَوَزَنْتُ لِعَبَّاسٍ الْبَقَّالِ دَانِقًا إِلا فَلْسًا، فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي حَدِيثًا فِي السَّخَاءِ، فَلَعَلَّ اللَّهُ يَشْرَحُ صَدْرِي، فَأَعْمَلُ شَيْئًا، قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: نَعَمْ، رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ مَارًّا فِي بَعْضِ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، فَرَأَى أَسْوَدَ بِيَدِهِ رَغِيفٌ يَأْكُلُ لُقْمَةً، وَيُطْعِمُ الْكَلْبَ لُقْمَةً، إِلَى أَنْ شَاطَرَهُ الرَّغِيفَ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: " مَا حَمَلَكَ عَلَى أَنْ شَاطَرْتَهُ، وَلَمْ تُغَابِنْهُ فِيهِ بِشَيْءٍ؟ " فَقَالَ: اسْتَحَتْ عَيْنَايَ مِنْ عَيْنَيْهِ أَنْ أُغَابِنَهُ، فَقَالَ لَهُ: " غُلامُ مَنْ أَنْتَ؟ " فَقَالَ: غُلامُ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، فَقَالَ: " وَالْحَائِطُ؟ " قَالَ لأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لا بَرَحْتَ حَتَّى أَعُودَ إِلَيْكَ، فَمَرَّ، وَاشْتَرَى الْغُلامَ وَالْحَائِطَ، وَجَاءَ إِلَى الْغُلامِ، فَقَالَ: " يَا غُلامُ، قَدِ اشْتَرَيْتُكَ "، قَالَ: فَقَامَ قَائِمًا فَقَالَ: السَّمْعُ وَالطَّاعَةُ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ وَلَكَ يَا مَوْلايَ، قَالَ: " وَقَدِ اشْتَرَيْتُ الْحَائِطَ وَأَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ، وَالْحَائِطُ هِبَةٌ مِنِّي إِلَيْكَ "، قَالَ: فَقَالَ الْغُلامُ: يَا مَوْلايَ قَدْ وَهَبْتُ الْحَائِطَ لِلَّذِي وَهَبْتَنِي لَهُ!، قَالَ: فَقَالَ عَبَّاسٌ الْبَقَّالُ: حَسَنٌ وَاللَّهِ يَا أَبَا إِسْحَاقَ، لأَبِي إِسْحَاقَ دَانِقٌ إِلا فِلْسًا أُعْطِيهِ بِدَانِقٍ مَا يُرِيدُ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَخَذْتُ إِلا بِدَانِقٍ إِلا فِلْسًا أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْن أَبِي جَعْفَر، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو أيوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق الجلاب، قَالَ: قَالَ أَبُو إِسْحَاق الحربي: كَانَ لنا جار نخاس فِي السِّيب، يقال له: عَبَّاس، قد أتى عَلَيْهِ خمس وثمانون سنة، قَالَ: سألته امرأة عَن مسألة فقالت له: زوج ابنتي طلقها، قَالَ: فرضيت أَنْتَ وأبوها؟ قَالَت: لا، قَالَ لا يجوز حتى ترضى الأم وَالأب! قَالَ: فقالت له: قد سألت أبا إِسْحَاق، فَقَالَ: قد طلقت، قَالَ: فَقَالَ ويدري أَبُو إِسْحَاق؟! أَنَا أبصر من أَبِي إِسْحَاق وأعلم وأكبر، أَنَا ألقيت عَلَى أَبِي إِسْحَاق مسألة فلم يخرج منها.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن عَلِيّ الصوري، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الرحمن بْن عُمَر التجيبي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق الملحمي الْقَاضِي، قَالَ: سمعت عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد، يقول: كَانَ أَبِي يقول: امض إِلَى إِبْرَاهِيم الحربي حتى يلقى عليك الفرائض.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أَبِي بكر، قَالَ: قَالَ لنا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الشافعي: لما مات سَعِيد بْن أَحْمَد بْن حَنْبَل، جَاءَ إِبْرَاهِيم يَعْنِي الحربي إِلَى عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد، فقام إليه عَبْد اللَّهِ، فَقَالَ: تقوم إِلَى؟ قَالَ: لم لا أقوم إليك وَالله لو رآك أَبِي لقام إليك، قَالَ: وَالله لو رأى ابْن عيينة أباك لقام إليه.
حَدَّثَنِي عَبْد العزيز بْن أَبِي طاهر الصوفِي، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْد الوهاب بْن جَعْفَر الميداني، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُلَيْمَان مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ بْن أَحْمَد بْن زبر، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، قَالَ: قَالَ لي أَبُو عَلِيّ الحسين بْن فهم، وذكر إِبْرَاهِيم الحربي: وَالله يا أبا مُحَمَّد لا ترى عيناك مثل أَبِي إِسْحَاق أيام الدُّنْيَا، ولقد رأيت، وجالست الناس من صنوف أهل العلم وَالحذق بكل فن منه، فما رأيت رجلا أكمل فِي ذلك كله من أَبِي إِسْحَاق رحمه اللَّه.
أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الواحد المنكدري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّهِ مُحَمَّد بْن الحافظ، بنيسابور، قَالَ: سمعت مُحَمَّد بْن صَالِح الْقَاضِي، يقول: لا نعلم أن بغداد أخرجت مثل إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق الحربي فِي الأدب، وَالفقه، وَالحَدِيث، وَالزهد.
حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي الْحَسَن الساحلي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن مُحَمَّد بْن الطل الأنباري بِهَا، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن يَعْقُوب بْن أَبِي عَبْد اللَّهِ القرنجلي اللخمي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق الحربي وما رأيت بعيني مثله.
أَخْبَرَنَا عَلِيّ بْن أَبِي عَلِيّ المعدل، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْعَبَّاس الخزاز، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أيوب سُلَيْمَان بْن إِسْحَاق بْن الخليل البزاز، قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم الحربي، يقول: فِي كتاب أَبِي عبيد " غريب الحَدِيث " ثلاثة وخمسون حَدِيثا ليس لها أصل، قد عَلَّمْتُ عليها فِي كتاب السروي، منها: أتت امرأة النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وفِي يدها مناجد، ونهى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن لبس السراويلات المخرفجة، وأتى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل قاهة، وَقَالَ عُمَر للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو أمرت بهذا البيت فَسُفِّرَ، وعن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ للنساء: " إذا جعتن خجلتن، وإذا شبعتن دقعتن " أَخْبَرَنِي أَبُو الفرج الطناجيري، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عبيد اللَّه بْن جَعْفَر بْن حمدان القصرى، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَر بْن مُحَمَّد بْن نصير، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاس بْن مسروق، قَالَ: قَالَ لي إِبْرَاهِيم الحربي لا تحدث، فتسخن عينك كما سخنت عيني، فقلت له: فما أعمل؟ قَالَ: تطأطئ رأسك، وتسكت، فقلت: فأنت لم تحدث؟ قَالَ: ليس وجهي من خشب.
حَدَّثَنِي أَبُو الفرج عَبْد الوهاب بْن عَبْد العزيز بْن الحارث التميمي، قَالَ: قرئ عَلَى أَبِي الحسين العتكي وأَنَا أسمع، قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم الحربي يقول لجماعة عنده: من تعدون الغريب فِي زمانكم هذا؟ فَقَالَ واحد منهم: الغريب من نأى عَن وطنه، وَقَالَ آخر: الغريب من فارق أحبابه، وَقَالَ كل واحد منهم شيئا، فَقَالَ إِبْرَاهِيم: الغريب فِي زماننا رَجُل صَالِح عاش بين قوم صَالِحين، إن أمر بالمعروف آزروه، وإن عَنِ المنكر أعانوه، وإن احتاج إِلَى سبب من الدُّنْيَا مانوه، ثم ماتوا وتركوه! حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن مُحَمَّد الخلال، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عمران، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد اللَّهِ بْن جَعْفَر بْن درستويه، قَالَ: اجتمع إِبْرَاهِيم الحربي، وأَحْمَد بْن يَحْيَى ثعلب، فَقَالَ ثعلب لإبراهيم: متى يستغنى الرجل عَن ملاقاة العلماء؟ فَقَالَ له إِبْرَاهِيم: إذا علم ما قالوا، وَإِلَى أي شيء ذهبوا فِيما قالوا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْر أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن أَبِي جَعْفَر الأخرم، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيّ عِيسَى بْن مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن عُمَر الطوماري، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن خلف وكيع، قَالَ: كَانَ لإبراهيم الحربي: ابْن، وكَانَ له إحدى عشرة سنة قد حفظ القرآن، ولقنه من الفقه شيئا كثيرا، قَالَ: فمات، فجئت أعزيه، قَالَ: فَقَالَ لي: كنت أشتهي موت ابني هذا، قَالَ: قلت: يا أبا إِسْحَاق أَنْتَ عالم الدُّنْيَا تقول مثل هذا فِي صبي قد أنجب، ولقنته الحَدِيث وَالفقه؟ قَالَ: نعم، رأيت فِي النوم كأن القيامة قد قامت، وكأن صبيانا بأيديهم قلال فِيهَا ماء، يستقبلون الناس يسقونهم، وكأن اليوم يوم حار شديد حره، قَالَ: فقلت: لأحدهم أسقني من هذا الماء، قَالَ: فنظر إِلَى وَقَالَ: ليس أَنْتَ أَبِي فقلت فأيش أَنْتَم؟ قَالَ: فَقَالَ: نحن الصبيان الَّذِين متنا فِي دار الدُّنْيَا، وخلفنا آباءنا نستقبلهم، فنسقيهم الماء قَالَ: فلهذا تمنيت موته.
أَخْبَرَنَا عُمَر بْن إِبْرَاهِيم الفقيه، قَالَ: أَخْبَرَنَا مقاتل بْن مُحَمَّد بْن بنان العكي، قَالَ: حضرت مع أَبِي وأخي عند أَبِي إِسْحَاق، يَعْنِي إِبْرَاهِيم الحربي، فَقَالَ إِبْرَاهِيم لأبي: هؤلاء أولادك؟ قَالَ: نعم، قَالَ: احذر، لا يرونك حيث نهاك اللَّه، فتسقط من أعينهم.
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بْن أَبِي بكر، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّهِ الشافعي، قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم الحربي، يقول: عندي عَن عَلِيّ ابن المديني قمطر لا أحدث عنه بشيء، لأني رأيته مع المغرب وبيده نعله مبادرا، فقلت: إِلَى أين؟ قَالَ: ألحق الصلاة مع أَبِي عَبْد اللَّهِ، قلت من أَبُو عَبْد اللَّهِ؟ قَالَ: ابْن أَبِي داود، فقلت: وَالله لا حدثت عنك.
أَخْبَرَنَا الحسين بْن مُحَمَّد أخو الخلال، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن عبد اللَّه بْن إِبْرَاهِيم السقطي بجرجان، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيّ أَحْمَد بْن الحسين شعبة، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن جَعْفَر الهاشمي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عبد اللَّه الكاتب، قَالَ: كنت يوما عند مُحَمَّد بْن يزيد المبرد فأنشدني هذين البيتين:
جسمي معي غير أن الروح عندكم فالجسم فِي غربة وَالروح فِي وطن
فليعجب الناس مني أن لي بدنا لا روح فِيهِ ولي روح بلا بدن
ثم قَالَ: ما أظن قَالَت الشعراء أحسن من هذا، فقلت: ولا قول الآخر؟ قَالَ: هيه، قلت: الَّذِي يقول:
فارقتكم وحييت بعدكم ما هكذا كَانَ الَّذِي يجب
فالآن ألقى الناس معتذرا من أن أعيش وأَنْتَم غيب قَالَ ولا هذا قلت ولا قول خالد الكاتب:
روحان لي: روح تضمنها جسد، وأخرى حازها بلد
وأظن غائبتي كشاهدتي بمكَانَها تجد الَّذِي أجد
قَالَ: ولا هذا، قلت: أَنْتَ إذا هويت الشيء ملت إليه، ولم تعدل إِلَى غيره.
قَالَ لا، ولكنه الحق، فأتيت ثعلبا فأخبرته، فقال ثعلب ألا أنشدته
غابوا فصار الجسم من بعدهم ما تنظر العين له فيا
بأي وجه أتلقاهم إذا رأوني بعدهم حيا
يا خجلتي منه ومن قوله ما ضرك الفقد لنا شيا
قَالَ فأتيت إبراهيم بن إسحاق الحربي، فأخبرته فقال ألا أنشدته
يا حيائي ممن أحب إذا ما قَالَ بعد الفراق أني حييت
لو صدقت الهوى حبيبا عَلَى الصحة لما نأى لكنت تموت
قَالَ: فرجعت إِلَى المبرد، فَقَالَ: أستغفر اللَّه إلا هذين البيتين، يَعْنِي بيتي إِبْرَاهِيم.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور مُحَمَّد بْن عِيسَى بْن عَبْد العزيز البزاز، بهمذان، قَالَ: حَدَّثَنَا محبوب بْن مُحَمَّد البرديجي قاضي سراوان، قَالَ: أنشدنا أَبُو سَعِيد الْحَسَن بْن زكريا العدوي، ببغداد قَالَ: أنشدني إِبْرَاهِيم الحربي:
أنكرت ذلي فأي شيء أحسن من ذلة المحب
أليس شوقي وفَيْض دمعي وضعف جسمي شهود حبي
قَالَ إِبْرَاهِيم: هؤلاء شهود ثقات.
أَخْبَرَنِي الأزهري، قَالَ: أنشدنا الحسين بْن أَحْمَد الصيرفِي، قَالَ: أنشدنا أَبُو عَلِيّ الطوسي، قَالَ: أنشدنا بعض أصحابنا لإبراهيم الحربي، وقد قرأ رَجُل ضرير عنده، فلم يكن طيب الصوت:
واثنان إذا عدا فخير لهم الموت
فقير ماله زهد وأعمى ماله صوت
أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّد عَبْد الملك بْن مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن سلمان العطار، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الفضل عبيد اللَّه بْن عَبْد الرحمن الزهري، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَبْد الرحمن بْن مُحَمَّد الزهري، قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم الحربي، يقول: ما أنشدت بيتا من الشعر قط إلا قرأت بعده قل هو اللَّه أحد ثلاث مرات.
أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بْن جَعْفَر بْن علان، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيّ الطوماري، قَالَ: أنشدنا إِبْرَاهِيم الحربي:
إذا مات المعالج من سقام فِيوشك للمعالج أن يموت
حَدَّثَنِي أَبُو النجيب عَبْد الغفار بْن عَبْد الواحد الأرموي، قَالَ: سمعت أبا يعلى الحافظ القزويني، يقول: سمعت حمزة بْن مُحَمَّد العلوي، يقول: سمعت عِيسَى بْن مُحَمَّد الطوماري، يقول: دخلنا عَلَى إِبْرَاهِيم الحربي وَهُوَ مريض، وقد كَانَ يحمل ماؤه إِلَى الطبيب، وكَانَ يجيء إليه فِيعالجه، فجاءت الجارية وردت الماء، وقالت: مات الطبيب فبكى ثم أنشأ، يقول:
إذا مات المعالج من سقام فِيوشك للمعالج أن يموت
حَدَّثَنِي الْحَسَن بْن أَبِي الطيب، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَر بْن أَحْمَد الواعظ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحَسَن البزاز، قَالَ: سمعت إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق الحربي، يقول: وقد دخل عَلَيْهِ قوم يعودونه، فقالوا: كيف تجدك يا أبا إِسْحَاق؟ قَالَ: أجدني كما قَالَ الشاعر:
دب فِي البلاء سفلا وعلوا وأجدني أذوب عضوا فعضوا
بليت جدتي بطاعة نفسي فتذكرت طاعة اللَّه نضوا
حَدَّثَنِي الأزهري، قَالَ: قَالَ أَبُو الْحَسَن الدارقطني: إِبْرَاهِيم الحربي ثقة.
ذكر أَبُو عَبْد الرحمن السلمي أنه سأل الدارقطني عَن إِبْرَاهِيم الحربي، فَقَالَ: كَانَ إماما، وكَانَ يقاس بأَحْمَد بْن حَنْبَل فِي زهده، وعلمه، وورعه.
وحدثني عبيد اللَّه بْن أَبِي الفتح، عَن أَبِي الْحَسَن الدارقطني، قَالَ: أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق الحربي إمام مصنف عالم بكل شيء، بارع فِي كل علم، صدوق، مات ببغداد سنة خمس وثمانين ومائتين.
أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن أَحْمَد بْن رزق، قَالَ: أَخْبَرَنَا إسماعيل بْن عَلِيّ الخطبي، قَالَ: ومات أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بْن إِسْحَاق الحربي يوم الإثنين لتسع بقين من ذي الحجة، ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من ذي الحجة سنة خمس وثمانين ومائتين، وصلى عَلَيْهِ يُوسُف بْن يَعْقُوب الْقَاضِي فِي شارع باب الأنبار، وكَانَ الجمع كثيرا جدا، وكَانَ يوما فِي عقب مطر ووحل، ودفن فِي بيته رحمه اللَّه.

نام کتاب : تاريخ بغداد ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 6  صفحه : 522
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست