responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ بغداد ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 2  صفحه : 473
حرف الجيم
ذكر من اسمه محمد واسم أبيه جعفر

457 - محمد بن جعفر بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب كان فاضلا أديبا وعاقلا لبيبا، مشهورا بالسخاء والجود والمروءة، وكان له اختصاص بأبي جعفر المنصور، فأخبرني عبيد الله بن أبي الفتح، قَالَ: أخبرنا أحمد بن إبراهيم البزاز، قَالَ: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة، قَالَ: أَخْبَرَنِي أبو العباس المنصوري، عن يحيى بن زكريا مولى علي بن عبد الله، عن أبيه، قَالَ: كان المنصور يعجب لمحمد بن جعفر بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب يؤانسه، ويفاوضه، ويداعبه، ويلتذ بمحادثته، وكان أديبا لبيبا لسنا، وكان لحسن منزلته من المنصور، وعظيم قدره عنده يفزع إليه الناس في حوائجهم، فيكلمه فيها فيقضيها، حتى أكثر عليه من الحوائج، وأفرط فأمر الربيع أن يحجبه، فلما حجبه قعد في منزله أياما، فظمئ المنصور إلى رؤيته، وقرم إلى محادثته، فقال: يا ربيع، إن جميع لذات مولاك قد أخلقن عنده، ورثثن في عينه سوى لذته من محادثة محمد بن جعفر، فإنها تجدد عنده في كل يوم وليلة، وقد كدرها على بكثرة ما يحملني عليه من حوائج الناس، فاحتل لمولاك فيما كدر عليه من لذته، فقال الربيع: أفعل يا أمير المؤمنين.
وخرج من عنده فأتى محمد بن جعفر فعاتبه على ما يحمل المنصور عليه من حوائج الناس وسأله إعفاءه من ذلك.
فنضح عن نفسه فيما عاتبه عليه، وأجابه إلى أن لا يسأله حاجة لأحد.
فأمره بالغدو على المنصور، ورجع إلى المنصور فأعلمه ذلك.
وبلغ قوما من قريش قدموا العراق لحوائجهم، ما كان من أمر محمد بن جعفر ومن الربيع، وأنه عازم على الغدو على المنصور، وكتبوا حوائجهم في رقاع ووقفوا بها على طريق محمد بن جعفر.
فلما غدا يريد المنصور، عرضوا له بها، ومتوا إليه بقراباتهم وتوسلوا، بأرحامهم، وسألوه إيصال رقاعهم، والتماس نجاح ما فيها.
فاعتذر إليهم وسألهم أن يعفوه من ذلك فأبوا أن يقبلوا ذلك منه، وألحوا عليه، فقال: لست أكلم المنصور في حاجة لأحد من الناس، فإن أحببتم أن تودعوا رقاعكم كمي فافعلوا.
فقذفوا رقاعهم في كمه ومضى حتى دخل على المنصور وهو في الخضراء مشرف على مدينة السلام ودجلة والصراة وما حولهما من البساتين والمزارع.
فعاتبه فنضح عن نفسه، ثم حادثه ساعة، قَالَ له المنصور: أما ترى حسن مستشرفنا هذا؟ قَالَ: أرى يا أمير المؤمنين فبارك الله لك فيما آتاك، وهنأك بإتمام النعمة عليك ما أعطاك، فما بنت العرب في دولة الإسلام، ولا العجم في مدة الكفر، مدينة أحصن ولا أحسن ولا أجمع للخصال المحمودة منها، وقد سمجتها في عيني يا أمير المؤمنين خصلة.
قَالَ: وما هي، قَالَ: ليس لي فيها ضيعة، فتبسم ثم قَالَ: فإني أحسنها في عينيك بثلاث ضياع أقطعك في أكنافها، فاغد على أمير المؤمنين يسجل لك بها، فقال: أنت والله يا أمير المؤمنين سهل الموارد كريم المصادر، فجعل الله باقي عمرك أكثر من ماضيه، فقد بررت فأفضلت، ووصلت فأجزلت، وأنعمت فأسبغت، فبدرت الرقاع من كمه وهو يتشكر له، فأقبل يردهن في كمه، ويقول: ارجعن خاسئات فضحك، وَقَالَ: بحق أمير المؤمنين عليك لما أخبرته خبر هذه الرقاع، فأعلمه فقال: أبيت يا ابن معلم الخير إلا كرما، فف للقوم بضمانك، وألقها عن كمك لننظر في حوائجهم.
فطرح الرقاع بين يديه.
فتصفحها ثم دفعها إلى الربيع، ثم التفت إليه فتمثل بقول امرئ القيس:
لسنا وإن أحسابنا كرمت يوما على الأحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل مثل ما فعلوا
ثم قَالَ: قد قضى أمير المؤمنين حوائجهم، فأمرهم بلقاء الربيع.
قَالَ محمد: فخرجت من عند أمير المؤمنين وقد ربحت وأربحت.

نام کتاب : تاريخ بغداد ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 2  صفحه : 473
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست