responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تاريخ بغداد ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 11  صفحه : 302
5170 - عبد اللَّه بن المعتز باللَّه أمير المؤمنين واسمه مُحَمَّد بن جعفر المتوكل على اللَّه بن أَبِي إسحاق المعتصم باللَّه يكنى أبا العباس
كان متقدمًا في الأدب، غزير العلم، بارع الفضل، حسن الشعر، وسمع المبرد وثعلبًا وأبا علي العنزي.
روى عنه آدابه أَحْمَد بن سعيد الدمشقي وكان مؤدبه، وروى عنه شعره مُحَمَّد بن يَحْيَى الصولي، وغيره.
قرأت في كتاب عبيد اللَّه بن العباس بن الفرات الذي سمعه من العباس بن العباس بن المغيرة، قَالَ: أَخْبَرَنِي عبد اللَّه بن المعتز، أنه ولد لسبع بقين من شعبان سنة سبع وأربعين يعني ومائتين.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أبو الطيب طاهر بن عبد اللَّه الطبري، قَالَ: أَخْبَرَنَا المعافى بن زكريا الجريري، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى الصولي، قَالَ: حَدَّثَنِي أبو العباس عبد اللَّه بن المعتز، قَالَ: كان أبو العباس مُحَمَّد بن يزيد النحوي المبرد يجئني كثيرًا إذا خرج من عند إِسْمَاعِيل الْقَاضِي لقرب داره من داري، وكنت لقيت أبا العباس أَحْمَد بن يَحْيَى في المسجد الجامع، وكان يتشوقني ويعتذر من تأخره عني، وكنت قد امتنعت من الركوب إلى المسجد وغيره فكتبت إليه:
ما وجد صاد في الحبال موثق بِماء مزن بارد مصفق
جادت به أخلاف دجن مطبق لصخرة إن تر شمسًا تبرق
فهو عليها كالزجاج الأزرق صريح غيثٍ خالصٍ لم يمذق
إلا كوجدي بك لكن أتقي يا فاتحًا لكل علم مغلق
وصيرفيًا ناقدًا للمنطق إن قَالَ هذا بهرج لم ينفق
لنلتقي بالذكر إن لم نلتق
فكتب إليَّ يشكر ويَقُول: إنه ليس ممن يعمل الشعر فيجيب، ويشبه أول أبياتي بقول جميل:
فما صاديات حمن يومًا وليلة على الماء يغشين العصي حواني
لوائب لم يصددن عنه بوجهه ولا هن من برد الحياض دواني
يرين حباب الماء والموت دونه فهن لأصوات السقاة رواني
بأبعد مني غل صدر ولوعة عليك ولكن العدو عداني
وأن آخر أبياتي يشبه قول رؤبة:
إني إذا لَم ترني فإنني أراك بالغيب وإن لم ترني
أَخْبَرَنَا أبو سعيد مُحَمَّد بن حسنويه بْنُ إبراهيم الأبيوردي قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عَليّ زاهر بن أَحْمَد بن أبي بكر السرخسي بِها، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى الصولي، قَالَ: سمعت عبد اللَّه بن المعتز يومًا يشكو الزمان، ثم قَالَ: أنا واللَّه كما قَالَ ابن مفرغ اليحصبي:
طرب الفؤاد وعادني أحزاني وذكرت غفلة باطلي وزماني
عالجت أيامًا أشبن ذوائبي ورميت دهرًا عارمًا ورماني
وذكر يومًا إخوانه فقال أنا فيهم كما قال أبو تمام:
ذو الود مني وذو القربى بِمنزلة وإخوتي أسوة عندي وإخواني
عصابة جاورت آدابهم أدبي فهم وإن فرقوا في الأرض جيراني
أرواحنا في مكان واحدٍ وغدت أبداننا بشام أو خراسان
ورب نائي المغاني روحه أبدًا لصيق روحي ودان ليس بالداني
حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمَد بن الْحُسَيْن العكبري، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الْحَسَن بن مُحَمَّد بن يَحْيَى المقرئ، بسر من رأى، قَالَ: حَدَّثَنِي عثمان بن عيسى بن هارون الهاشمي، قَالَ: كنت عند ابن المعتز وكان قد كتب أبو أَحْمَد بن المنجم إلى أخيه أبي القاسم رقعة يدعوه فيها، فغلط الرسول فجاء فأعطاها لابن المعتز، وأنا عنده فقرأها وعلم أنها ليست إليه، فقلبها وكتب:
دعاني الرسول ولَم تدعني ولكن لعلي أبو القاسم
فأخذ الرسول الرقعة ومضى، وعاد عن قرب وإذا فيها مكتوب:
أيا سيدًا قد غدا مفخرًا لهاشم إذ هو من هاشم
تفضل وصدق خطأ الرسول تفضل مولى على خادم
فما إن تطاق إذا ما جددت وهزلك كالشهد للطاعم
فدى لك من كل ما تتقيه أبو أَحْمَد وأبو القاسم
قَالَ: فقام فمضى إليه.
أنشدنا أبو نعيم الحافظ، قَال: أنشدنا عبد اللَّه بن جعفر بن إسحاق الجابري الموصلي بالبصرة، قَالَ: أنشدنا عبد اللَّه بن المعتز:
ما عابني إلا الحسود وتلك من خير المعائب
والخير والحساد مقرونان إن ذهبوا فذاهب
وإذا ملكت المجد لَم تملك مذمات الأقارب
وإذا فقدت الحاسدين فقدت في الدنيا الأطايب
وأنشدنا أبو نعيم، قَالَ: أنشدنا الجابري، قَالَ: أنشدنا عبد اللَّه بن المعتز:
فما تنفع الآداب والعلم والحجى وصاحبها عند الكمال يموت
كما مات لقمان الحكيم وغيره فكلهم تحت التراب صموت
أَخْبَرَنَا عَليّ بن المحسن المعدل، قَالَ: حَدَّثَنِي أبي، أَخْبَرَنِي أبو بكر الصولي، قَالَ: كان القاسم بن عبيد اللَّه الوزير قد تقدم عند وفاة المعتضد باللَّه، إلى صاحب الشرطة مؤنس الخادم أن يوجه إلى عبد اللَّه بن المعتز، وقصي بن المؤيد، وعبد العزيز بن المعتمد، فيحبسهم في دار، ففعل ذلك، فكانوا محبسين خائفين إلى أن قدم المكتفي باللَّه بغداد فعرف خبرهم، فأمر بإطلاقهم ووصل كل واحد منهم بألف دينار قَالَ: فحَدَّثَنَا عبد اللَّه بن المعتز، قَالَ: سهرت ليلة دخل في صبيحتها المكتفي إلى بغداد، فلم أنم خوفًا على نفسي، وقلقًا بوروده، فمرت بي في السحر طير، فصاحت فتمنيت أن أكون مخلَّى مثلها، لِما يَجري عَليّ من النكبات، ثم فكرت في نعم اللَّه عَليّ، وما خاره لي من الإسلام، والقربة من رسول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما أؤمله من البقاء الدائم في الآخرة، فقلت في الحال:
يا نفس صبرًا لعل الخير عقباك خانتك من بعد طول الأمن دنياك
مرت بنا سحرًا طير فقلت لَها طوباك يا ليتني إياك طوباك
لكن هو الدهر فالقيه على حذر فرب مثلك تنزو بين أشراك
وقيل: إن ابن المعتز تَمثل في الليلة التي قتل في صبيحتها بِهذه الأبيات، وضم إليها أبياتًا أُخر، ونحن نذكرها في آخر أخباره إن شاء اللَّه.
وقد كان جعفر المقتدر باللَّه اضطرب عليه عسكره، فخلعوه وبايعوا لابن المعتز بالخلافة، ثم عادوا إلى المقتدر، فأذعنوا بطاعته، واستخفى ابن المعتز، ثم ظهر عليه فسلم إلى المقتدر فقتله، ولم يلبث ابن المعتز بعد أن بويع غير يوم واحد حتى تفرق الناس عنه، وكانت هذه القصة في سنة ست وتسعين ومائتين.
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ رَوْحٍ النَّهْرَوَانِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا المعافى بن زكريا، قَالَ: حَدَّثَنِي بعض شيوخنا أن بعضهم حدثه أنه لَمَّا كان من خلع المقتدر في المرة الأولى ما كان، وبويع عبد اللَّه بن المعتز بالخلافة، دخل على شيخنا أَبِي جعفر الطبري، فَقَال لَهُ: ما الخبر؟ وكيف تركت الناس؟ أو نحو هذا من القول.
فقَالَ له: قد بويع عبد اللَّه بن المعتز، قَالَ: فمن رشح للوزارة؟ فقَالَ: مُحَمَّد بن داود بن الجراح.
فمن ذكر للقضاء؟ فَقَالَ: الْحَسَن بن المثنى، فأطرق قليلًا ثم قَالَ: هذا أمر لا يتم ولا ينتظم.
قَالَ: فقلت له: وكيف؟ فَقَالَ: كل واحد من هؤلاء الذين سميت متقدم في معناه، عالي الرتبة في أبناء جنسه، والزمان مدبر، والدنيا مولية، وما أرى هذا إلا اضمحلال وانتقاض، ولا يكون لمدته طول، فكان الأمر كما قَالَ.
أَخْبَرَنِي الأزهري، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَد بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد بن عرفة، قَالَ: سنة ست وتسعين ومائتين فيها سعى جماعة من الكتاب والقواد بعضهم إلى بعض عازمين على خلع المقتدر، والبيعة لعبد اللَّه بن المعتز، فناظروه في ذلك فأجابهم على أن لا يسفك دمٌ، ولا تكون حرب، فأخبروه أن الأمر لا يسلم عفوًا وأن جميع من وراءهم قد رضوا به، فصاروا إلى دار سليمان بن وهب، ووجهوا إلى عبد اللَّه بن المعتز فأحضروه، وجاء مُحَمَّد بن داود بن الجراح وَعَليّ بن عيسى، ومُحَمَّد بن عبدون، وأحضر أبو عمر مُحَمَّد بن يوسف، وبويع لعبد اللَّه بن المعتز، وسلم عليه بالخلافة، وصير مُحَمَّد بن داود وزيرًا، وكان مُحَمَّد بن سعيد الأزرق يستحلف الناس على البيعة، وهذا كله ليلة الأحد يعني لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول.
فلما أصبحوا في يوم الأحد خرج جماعة من الخزر من دار المقتدر، فصاعدوا في الشذا والطيارات، فلما بصروا بهم تفرقوا وولوا منهزمين لا يلوون على أحد.
وانتهبت دار العباس بن الْحَسَن، ودار مُحَمَّد بن داود، ومنازل جماعة، وهرب عبد اللَّه بن المعتز ومُحَمَّد بن داود، ومن كان معهم في القصة، وصاعد بن المعتز في زورق وعبر إلى دار بن الجصاص واستخفى عنده، وسعى خادم لابن الجصاص بابن المعتز، فأخذ فحدر إلى دار الخليفة، ثم سلم إلى مؤنس الخادم فقتله، ووجه به إلى منزله فدفن هنالك.
أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بن مُحَمَّد أخو الخلال، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بن عبد اللَّه الشطي، بِجُرجان، قَالَ: أنشدنا أبو القاسم الكريزي، قَالَ: أنشدنا أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عباس بن مهران لعبد اللَّه بن المعتز أنه قَالَ في الليلة التي قتل في صبيحتها:
يا نفس صبرًا لعل الخير عقباك خانتك من بعد طول الأمن دنياك
مرت بنا سحرًا طير فقلت لها طوباك يا ليتني إياك طوباك
إن كان قصدك شرقًا فالسلام على شاطي الصراة ابلغي إن كان مسراك
من موثق بالمنايا لا فكاك له يبكي الدماء على إلف له باكي
فرب آمنة حانت منيتها ورب مفلتة من بين أشراك
أظنه آخر الأيام من عمري وأوشك اليوم أن يبكي لي الباكي
أَخْبَرَنَا الْحَسَن بن علي الجوهري، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العباس، قَالَ: حَدَّثَنَا علان الرزاز، قَالَ: قَالَ أبو الْحَسَن الجاماسبي حَدَّثَنِي أبو قتيبة، قَالَ: لَما أن أقاموا عبد اللَّه بن المعتز إلى الجهة التي تلف فيها، أنشأ قائلًا:
وقل للشامتين بنا رويدًا أمامكم المصائب والخطوب
هو الدهر الذي لا بد من أن يكون إليكم منه ذنوب
قرأت على الْحَسَن بن أبي بكر، عن أَحْمَد بن كامل الْقَاضِي، قَالَ: سنة ست وتسعين ومائتين فيها قتل عَبْد اللَّه بن المعتز، بعد أن خلع المقتدر وأخذت البيعة لابن المعتز على كثير من القواد، فمكث يوما واختلف القوم على ابن المعتز فاختفى، فأنذر به المقتدر، فأمر بحمله إليه، فحمل وقتل، وذلك في ربيع الأول من سنة ست وتسعين ومائتين.
أنبأنا إبراهيم بن مخلد، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل بن علي الخطبي، قَالَ: مات أبو العباس عبد اللَّه بن المعتز باللَّه في محبسه يوم الأربعاء لليلة خلت من شهر ربيع الآخر سنة ست وتسعين، وهو ابن ثمان وأربعين سنة وسبعة أشهر وأيام، وحمل إلى داره التي على الصراة فدفن بها، وكان غزير الأدب، كثير الشعر، وكان يخضب بالسواد، وزعموا أن مولده في شعبان سنة سبع وأربعين قبل قتل المتوكل بأربعين ليلة.
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أبو العلاء مُحَمَّد بن علي الواسطي، قَالَ: أنشدنا مُحَمَّد بن العباس الخزاز، قَالَ: أنشدنا أبو بكر مُحَمَّد بن خلف بن المرزبان، قَالَ: أنشدت لعلي بن مُحَمَّد، يعني ابن بسام، يرثي ابن المعتز:
لله درك من ملك بمضيعة ناهيك في العقل والآداب والحسب
ما فيه لولا ولا ليت فتنقصه وإنما أدركته حرفة الأدب

نام کتاب : تاريخ بغداد ت بشار نویسنده : الخطيب البغدادي    جلد : 11  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست