responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار نویسنده : الشَّعْراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 5
يقول كثيراً، الاعتقاد صبغة، والانتقاد حرمان. انتهى.
وكان شيخنا الشيخ محمد المغربي الشاذلي رضي الله عنه يقول: اطلب طريق ساداتك من القوم وإن قلوا، وإياك وطريق الجاهلين بطريقهم وإن جلوا، وكفى شرفاً بعلم القوم قول موسى عليه السلام للخضر: " هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشداً " الكهف: 66، وهذا أعظم دليل على وجوب طلب علم الحقيقة، كما يجب طلب علم الشريعة وكل عن مقامه يتكلم.
انتهى.
قلت: وقد رأيت رسالة أرسلها الشيخ محيي الدين بن العربي رضي الله عنه للشيخ فخر الدين الرازي صاحب التفسير، يبين له فيها نقص درجته في العلم. هذا والشيخ فخر الدين الرازي مذكور في العلماء الذين انتهت إليهم الرياسة في الاطلاع على العلوم من جملتها: اعلم يا أخي وفقنا الله وإياك أن الرجل لا يكمل عندنا في مقام العلم، حتى يكون علمه عن الله عز وجل بلا واسطة من نقل، أو شيخ.
فإن من كان علمه مستفاداً من نقل، أو شيخ، فما برح عن الأخذ عن المحدثات، وذلك معلول عند أهل الله عز وجل، ومن قطع عمره في معرفة المحدثات وتفاصيلها، فاته حظه من ربه عز وجل، لأن العلوم المتعلقة بالمحدثات يفني الرجل عمره فيها، ولا يبلغ إلى حقيقها، ولو أنك يا أخي سلكت على يد شيخ من أهل الله عز وجل، لأوصلك إلى حضرة شهود الحق تعالى، فتأخذ عنه العلم بالأمور من طريق الإلهام الصحيح، من غير تعب ولا نصب، ولا سهر، كما أخذه الخضر عليه السلام، فلا علم إلا ما كان عن كشف وشهود، لا عن نظر، وفكر، وظن، وتخمين.
وكان الشيخ الكامل أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه يقول لعلماء عصره: أخذتم علمكم من علماء الرسوم ميتاً عن ميت، وأخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت.
وينبغي لك يا أخي ألا تطلب من العلوم إلا ما تكمل به ذاتك، وينتقل معك حيث انتقلت، وليس ذلك إلا العلم بالله تعالى، من حيث الوهب والمشاهدة، فإن علمك بالطب مثلاً إنما يحتاج إليه في عالم الأسقام، والأمراض، فإذا انتقلت إلى عالم ما فيه سقم، ولا مرض، فمن تداوى بذلك العلم.
فقد علمت يا أخي أنه لا ينبغي للعاقل أن يأخذ من العلوم إلا ما ينتقل معه إلى البرزخ، دون ما يفارقه عند انتقاله إلى عالم الآخرة، وليس المنتقل معه إلا علمان فقط، العلم بالله عز وجل، والعلم بمواطن الآخرة.
حتى لا ينكر التجليات الواقعة فيها، ولا يقول للحق إذا تجلى له نعوذ بالله منك كما ورد، فينبغي لك يا أخي الكشف عن هذين العلمين، في هذه الدار لتجني ثمرة ذلك في تلك الدار، ولا تحمل من علوم هذه الدار، إلا ما تمس الحاجة إليه في طريق سيرك إلى الله عز وجل على مصطلح أهل الله عز وجل، وليس طريق الكشف عن هذين العلمين، إلا بالخلوة، والرياضة، والمشاهدة، والجذب الإلهي، وكنت أريد أن أذكر لك يا أخي الخلوة وشروطها، وما يتجلى لك فيها على الترتيب شيئاً فشيئاً، لكن منعني من ذلك الوقت، وأعني بالوقت من لا غوص له في أسرار الشريعة، ممن دأبهم الجدال حتى أنكروا كل ما جهلوا، وقيدهم التعصب، وحب الظهور، والرياسة، وأكل الدنيا بالدين عن الإذعان لأهل الله تعالى، والتسليم لهم. انتهى.
وقد حكى الشيخ محيي الدين بن العربي في الفتوحات وغيرها: أن طريق الوصول إلى علم القوم الإيمان، والتقوى قال الله تعالى: " ولو أن أهل القرى أمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض " الأعراف: 96 أي أطلعناهم على العلوم المتعلقة بالعلويات والسفليات، وأسرار الجبروت، وأنوار الملك، والملكوت وقال تعالى: " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب " الطلاق: 3. والرزق نوعان روحاني وجسماني وقال تعالى: " واتقوا الله ويعلمكم الله " البقرة:282. أي يعلمكم ما لم تكونوا تعلمونه بالوسائط من العلوم الإلهية، ولذلك أضاف التعليم إلى اسم الله الذي هو دليل على الذات، وجامع للأسماء، والأفعال والصفات، ثم قال رضي الله عنه، فعليك يا أخي بالتصديق، والتسيلم لهذه الطائفة، ولا تتوهم فيما يفسرون به الكتاب، والسنة.
أن ذلك إحالة للظاهر عن ظاهره، ولكن لظاهر الآية والحديث مفهوم بحسب الناس، وتفاوتهم في الفهم، فيمن المفهوم ما جلب له الآية والحديث، ودلت عليه في عرف اللسان، وثم أفهام أخر باطنة تفهم عند الآية، أو الحديث لمن فتح الله تعالى عليه، إذ قد ورد في الحديث النبوي أن لكل آية ظاهراً، وباطناً وحداً، ومطلعاً إلى سبعة أبطن، وإلى سبعين، فالظاهر هو المعقول والمقبول من العلوم النافعة، التي تكون بها الأعمال الصالحة والباطن هو المعارف الإلهية، والمطلع هو معنى يتحد فيه الظاهر والباطن،
نام کتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار نویسنده : الشَّعْراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 5
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست