responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار نویسنده : الشَّعْراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 17
إذا مر على مزبلة يقف عندها، ويقول: هذه دنياكم التي تحرصون عليها، وكان يقول: أضروا بالفانية خير لكم من أن تضروا بالباقية يعني الآخرة.
وكان يأخذ التبنة من الأرض ويقول: يا ليتني كنت هذه التبنة ليتني لم أخلق، ليت أمي لم تلدني، ليتني لم أك شيئاً ليتني كنت نسياً منسيا، وكان رضي الله عنه يحب الصلاة في وسط الليل، وكان إذا حصل بالناس هم يخلع ثيابه، ويلبس ثوباً قصيراً لا يكاد يبلغ ركبتيه، ثم يرفع صوته بالبكاء، والاستغفار، وعيناه تذرفان حتى يغشى عليه، وكان يحمل جراب الدقيق على ظهره للأرامل والأيتام، فقال له بعضهم: دعني أحمل عنك فقال: ومن يحمل عني يوم القيامة ذنوبي، وأحواله كثيرة مشهورة رضي الله تعالى عنه.

ومنهم الإمام عثمان بن عفان
رضي الله تعالى عنه ورحمه
ويجتمع نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في عبد مناف وسمي ذا النورين لجمعه بين بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم: رقية ثم أم كلثوم.
وحاصروه تسعة وأربعين يوماً، ثم قتلوه صبراً، والمصحف مفتوح بين يديه، وهو يقرأ، وكان رضي الله عنه شديد الحياء حتى إنه ليكون في البيت والباب مغلق عليه، فما يضع عنه الثوب عند الغسل ليفيض عليه، يمنعه الحياء أن يقيم صلبه، وكان يصوم النهار، ويقوم الليل إلا هجعة من أوله، وكان يختم القرآن في كل ركعة كثيراً، وكان يخطب الناس وعليه إزار عدني غليظ ثمنه أربعة دراهم أو خمسة، وكان يطعم الناس طعام الإمارة، ويدخل بيته، فيأكل الخل والزيت، وكان يردف خلفه غلامه أيام خلافته، ولا يستعيب ذلك.
وكان إذا مر على المقبرة بكى حتى بل لحيته رضي الله عنه، ومناقبه كثيرة مشهورة رضي الله تعالى عنه.

ومنهم الإمام علي بن أبي طالب
رضي الله تعالى عنه
ونسبه مشهور. وكان برضي الله عنه يقول الدنيا جيفة فمن أراد منها شيئاً فليصبر على مخالطة الكلاب.
قلت: والمراد بالدنيا ما زاد على الحاجة الشرعية بخلاف ما دعت الضرورة إليه، وذلك أن فضول الدنيا شهوات، وأهل الشهوات كثير، ولذلك ما رؤي زاهد قط في محل مزاحمة على الدنيا، كما هو مشاهد، وإنما سمي طالب الفضول كلباً للدنيا لتعلق قلبه بها، لأن الكلب مأخوذ من التكلب، وكل من عسر عليه فراق شهوته فهو كلبها، فافهم فما توسع من توسع في مأكل، أو ملبس إلا لقلة ورعه، والشارع لم يأمرنا بالتوسع في الشبهات، والله أعلم.
قال أبو عبيدة رحمه الله: ارتحل الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه تسع كلمات، قطع الأطماع عن اللحاق بواحدة منهن، ثلاث في المناجاة، وثلاث في العلم، وثلاث في الأدب.
فأما التي في المناجاة فهي قوله: كفاني عزاً أن تكون لي رباً، وكفى بي فخراً أن أكون لك عبداً، أنت لي كما أحب فوفقني لما تحب، وأما التي في العلم فهي قوله المرء مخبوء تحت لسانه، فتكلموا تعرفوا، ما ضاع امرؤ عرف قدره، وأما التي في الأدب فهي قوله: أنعم على من شئت تكن أميره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، واحتج إلى من شئت تكن أسيره.
وكان رضي الله عنه يقول: والله لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق.
وكان آخر كلامه قبل موته لا إله إلا الله محمد رسول الله. وكان رضي الله عنه يقول: موت الإنسان بعد أن كبر وعرف ربه خير من موته طفلا، ولو دخل الجنة بغير حساب.
قلت: لأن أقل ما هناك أن العبد يجالس ربه في الجنة بقدر ما عمل من العبادات والله أعلم، وكان رضي الله عنه يقول: أعلم الناس بالله أشدهم حباً، وتعظيماً لأهل لا إله إلا الله.
وقيل له مرة: ألا نحرسك يا أمير المؤمنين فقال: حارس كل امرئ أجله، وكان رضي الله عنه يقول: كونوا لقبول أعمالكم أشد اهتماماً منكم بالعمل، فإنه لن يقل عمل مع التقوى، وكيف يقل عمل متقبل، وكان رضي الله عنه يقول: إذا كان يوم القيامة أتت الدنيا بأحسن زينتها، ثم قالت: يا رب هبني لبعض أوليائك فيقول الله عز وجل لها: اذهبي لا إلى شيء فلانت أهون من أن أهبك لبعض أوليائي، فتطوى كما يطوى الثوب الخلق فتلقى في النار، وكان رضي الله عنه يقول: لا يرجون العبد إلا ربه ولا يخافن إلا ذنبه، وكان يقول: لا يستحي جاهل أن يسأل عما لم يعلم، ولا، يستحي عالم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول الله أعلم، وكان رضي الله عنه يقول: إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى، وطول الأمل فأما اتباع الهوى فيضل عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة، وكان يقول: الفقيه كل الفقيه من لا يقنط الناس من رحمة الله، ولا يؤمنهم من عذاب الله، ولا يرخص في معاصي الله، ولا
نام کتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار نویسنده : الشَّعْراني، عبد الوهاب    جلد : 1  صفحه : 17
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست