responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الطبقات السنيه في تراجم الحنفيه نویسنده : الغزي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 88
فعن أحمد بن المعدل، أن أبي داود كتب إلى رجل من أهل المدينة: إن تابعت أمير المؤمنين في مقالته استوجبت المكافأة الحسنة.
فكتب إليه: عصمنا الله وإياك من الفتنة، والكلام في القرآن بدعةٌ يشترك فيه السائل والمجيب؛ لتعاطي السائل ما ليس له، وتكلف المجيب ما ليس عليه، ولا نعلم خالقاً إلا الله، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام الله، لا نعلم غير ذلك، والسلام.
وروى الخطيب في " تاريخه " أن طاهر بن خلف، قال: سمعت محمد بن الواثق، الذي يقال له المهتدي بالله، يقول: كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلاً أحضرنا ذلك المجلس، فأتى بشيخ مقيد، فقال أبي: ائذنوا لأبي عبد الله وأصحابه. يعني ابن أبي داود.
قال: فأدخل الشيخ، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين.
فقال: لا سلم الله عليك.
فقال: يا أمير المؤمنين، بئس ما أدبك به مؤدبك، قال الله تعالى: (وَإذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بأحْسَنَ مِنْهَا أوْ رُدُّوهَا) ، والله ما حييتني بها، ولا بأحسن منها.
فقال ابن أبي دواد: يا أمير المؤمنين، هذا رجل متكلم.
فقال له: كلمه.
فقال: يا شيخ، ما تقول في القرآن؟ قال الشيخ: لم تنصفني المسألة، أنا أسألك قبل.
فقال له: سل.
فقال الشيخ: ما تقول في القرآن؟ فقال: مخلوق.
فقال الشيخ: هذا شيءٌ علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والخلفاء الراشدون، أم شيٌ لم يعلموه؟ فقال: شيءٌ لم يعلموه.
فقال: سبحان الله، شيءٌ لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا عليٌ، ولا الخلفاء الراشدون، علمته أنت! قال: فخجل ابن أبي داود.
وقال: أقلني.
قال: والمسألة بحالها؟ قال: والمسألة بحالها؟ قال: نعم.
قال: ما تقول في القرآن؟ فقال: مخلوق.
فقال: هذا شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعليٌ، والخلفاء الراشدون، أم لم يعلموه؟ فقال: علموه، ولم يدعوا الناس إليه.
قال: أفلا وَسعك ما وسعهم!! قال: ثم قام أبي، فدخل مجلس الخلوة، واستلقى على قفاه، ووضع إحدى رجليه على الأخرى، وقو يقول: هذا شيءٌ لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، ولا عثمان، ولا علي، ولا الخلفاء الراشدون، علمته أنت، سبحان الله، هذا شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والخلفاء الراشدون، ولم يدعوا الناس إليه، أفلا وسعك ما وسعهم.
ثم دعا الحاجب، وأمره أن يرفع عن الشيخ قيوده، ويعطيه أربعمائة دينار، ويأذن له في الرجوع، وسقط من عينه ابن أبي دواد، ولم يمتحن بعد ذلك أحداً. انتهى.

وقد أنكر ابن السبكي في " طبقاته " أن يكون صدر من ابن أبي دواد مثل هذا الكلام، الذي تنبو عنه الأسماع، وتنفر منه الطباع، وهو قوله " شيءٌ لم يعلموه "، فقال: وكان من الأسباب في رفع الفتنة، أن الواثق أتى بشيخ مقيد، فقال له ابن دواد: يا شيخ، ما تقوله في القرآن، أمخلوقٌ هو؟
فقال له الشيخ: لم تنصفني المسألة، أنا أسألك قبل الجواب، هذا الذي تقول يا ابن أبي داود من خلق القرآن شيء علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، رضي الله تعالى عنهم، أو جهلوه؟ فقال: بل علموه.
فقال: هل دعوا الناس إليه، كما دعوتهم أنت، أو سكتوا؟ قال: بل سكتوا.
قال: فهلا وسعك ما وسعهم من السكوت! فسكت ابن أبي دواد، وأعجب الواثق كلامه، وأمر بإطلاق سبيله، وقام الواثق من مجلسه وهو على ما حكى يقول: هلا وسعك ما وسعهم. يكرر هذه الكلمة.
وكان ذلك من الأسباب في خمود الفتنة، وإن كان رفعها بالكلية إنما كان على يد المتوكل.

نام کتاب : الطبقات السنيه في تراجم الحنفيه نویسنده : الغزي، تقي الدين    جلد : 1  صفحه : 88
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست