ذكره سعيد بن يعقوب في الصّحابة، و أخرج من طريق عبد اللَّه بن الفضل، عن أبي قيس البكري، عن عامر بن مرقّش- أنّ حمل بن مالك بن النابغة الهذليّ مرّ بأثيلة بنت راشد و هي تهشّ على غنمها و قد رفعت برقعها، فنظر إلى جمالها فأناخ راحلته فأتاها يريدها عن نفسها، فقالت: مهلا يا حمل، اخطبني إلى أبي، فإنه لا يردّك، فأبى عليها، فاحتملته فجلدت به الأرض، و جلست على صدره، و عاهدته ألّا يعود، فقامت عنه، فعاد إليها ثلاثا، فأخذت فهرا فشدخت به رأسه و ساقت غنمها، فمرّ به ركب من قومه فسألوه، فقال: عثرت بي راحلتي، فقالوا: هذه راحلتك معقولة، و هذا فهر إلى جنبك شدخت به، فاحتملوه فحضره الموت، فقال لأهله: النّاس براء من ذنبي إلا أثيلة، فلما مات جاءت هذيل تطلب دم حمل من راشد، فأرسل إليه رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم)، و كان يسمى ظالما، فسمّاه النّبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم) راشدا، فسأله فأنكر، فقالوا: أثيلة، فقال: لا علم لي، ثم جاء إليها فسألها، فقالت: و هل تقتل المرأة الرّجل؟ و لكن رسول اللَّه لا يكذب، فجاءت فأخبرت النبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم) بذلك، فقال: «بارك اللَّه فيك»[2].
و أهدر دمه.
قلت: في إسناده غير واحد من المجهولين، و يعارضه ما أخرجه أحمد و أصحاب السّنن بإسناد صحيح، من طريق طاوس، عن ابن عبّاس- أنّ عمر نشد الناس أيكم سمع قضاء رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) في الجنين، فقام حمل بن مالك بن النابغة فشهد، فمن يموت في عهد النبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم) كيف يشهد في خلافة عمر؟ فلعل في القصّة تحريفا، كأن يكون فيها ابن حمل أو نحو ذلك. و يحتمل عن بعد أن يكون له أخ باسمه، فإن مثل ذلك وقع كثيرا.
[2] أخرجه أحمد في المسند 1/ 201، 3/ 409، 5/ 68. و الطبراني في الكبير 7/ 190، 205. و الهيثمي في الزوائد 9/ 411، و قال رواه الطبراني في الأوسط و الكبير بنحوه و أحمد في حديث طويل و رجال أحمد ثقات. و الدار الدّارقطنيّ في السنن 1/ 234، و أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 23200.
[3] أسد الغابة ت 2741، الاستيعاب ت 1350، تجريد أسماء الصحابة 1/ 289، الجرح و التعديل 6/ 327، تهذيب التهذيب 5/ 80، التاريخ الكبير 6/ 450، تهذيب الكمال 2/ 646، خلاصة تذهيب الكمال 2/ 55، بقي بن مخلد 780، تلقيح فهوم أهل الأثر 381، الكاشف 2/ 57، العقد الثمين 5/ 87.
نام کتاب : الإصابة في تمييز الصحابة نویسنده : العسقلاني، ابن حجر جلد : 3 صفحه : 488