نام کتاب : الإصابة في تمييز الصحابة نویسنده : العسقلاني، ابن حجر جلد : 1 صفحه : 68
رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) سمعناه منه، و لكن لم يكن يكذب بعضنا بعضا» [1]. رواه الطّبرانيّ في «الكبير»، و رجاله رجال الصحيح.
و عن البراء قال: «ما كلّ الحديث سمعناه من رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) كان يحدّثنا أصحابه عنه، كانت تشغلنا عنه رعية الإبل» [2].
رواه أحمد و رجاله رجال الصحيح، و رواه الحاكم أيضا في «المستدرك» بلفظ: «ليس كلّنا سمع حديث رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) كانت لنا ضيعة و أشغال، و لكن الناس كانوا لا يكذبون يومئذ، و يحدث الشّاهد الغائب» [3].
قال الحاكم: صحيح على شرطهما، و لم يخرجاه، و أقرّه الذّهبيّ.
و لا ينبغي أن يعدّ حذف الصّحابي الّذي سمع الحديث، و لقنهم إياه من قبيل التّدليس، إذ الصحابة كلهم عدول بإجماع أهل الحق، و خلاف العلماء في الاحتجاج بالمرسل إنما كان للجهل بحال المحذوف، و ذلك لا يتأتّى ها هنا، و لذلك يقول ابن الصّلاح في «مقدّمته»:
«مرسل الصّحابي مثل ما يرويه ابن عباس و غيره من أحداث الصحابة عن رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) و لم يسمعوه منه في حكم الموصول المسند، لأن روايتهم عن الصّحابة، و الجهالة بالصحابي غير قادحة، لأن الصحابة كلهم عدول» أ. ه.
و قال السّيوطيّ في «التّدريب»: «أمّا مرسل الصّحابي و إخباره عن شيء فعله النّبي (صلى اللَّه عليه و سلّم) أو قاله مما يعلم أنه لم يحضره لصغر سنه أو تأخر إسلامه فمحكوم بصحته على المذهب الصّحيح الّذي قطع به الجمهور أصحابنا و غيرهم، و أطبق المحدثون المشترطون للصّحيح القائلون بضعف المرسل، و في «الصّحيحين» من ذلك ما لا يحصى، لأن أكثر روايتهم عن الصّحابة، و كلهم عدول رواياتهم عن غيرهم نادرة، و إذ رووها بيّنوها، بل أكثر ما رواه الصّحابة عن التّابعين ليس أحاديث مرفوعة بل إسرائيليّات أو حكايات أو موقوفات».
و من ذلك كلّه يتبيّن أنه لا كذب من أبي هريرة، إذ إنه لم يقل في هذا الضّرب من الحديث: «سمعت رسول اللَّه يقول كذا، أو رأيته يفعل كذا»، بل كان يقول: قال رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) كذا، أو فعل كذا، و ما شابه ذلك، كما أنه لا تدليس منه أيضا، لأن الرّاوي المحذوف من الصّحابة و الإجماع قائم على عدالتهم.