responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإصابة في تمييز الصحابة نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 59

أصول مدرسة الكوفة

كان أهل الكوفة يرون أن عبد اللَّه بن مسعود و أصحابه أثبت النّاس في الفقه، و اعتقدوا أنّهم في الدّرجة العليا من التّحقيق و كانت قلوبهم أميل شي‌ء إلى أصحابهم كما قال علقمة لمسروق: هل أحد منهم أثبت من عبد اللَّه؟ و قال أبو حنيفة: إبراهيم أفقه من سالم، و لو لا فضل الصحبة لقلت علقمة أفقه من ابن عمر، و عبد اللَّه هو عبد اللَّه، و قد جمعوا من فتاوى ابن مسعود و قضايا علي و فتاواه و كل ما تيسّر لهم جمعه، و صنعوا في آثار أصحابهم كما صنع أهل المدينة، و خرجوا كما خرج هؤلاء و لم يكن عندهم من الأحاديث و الآثار ما يقدرون به على استنباط الفقه على الأصول التي اختارها أهل الحديث، و لم تنشرح صدورهم للنّظر في أقوال علماء البلدان و جمعها، و كان عندهم من الفطانة و الحدس و سرعة انتقال الذّهن من شي‌ء إلى شي‌ء ممّا يقدرون به على تخريج جواب المسائل على أقوال أصحابهم و كلّ ميسّر، لما خلق له و «كلّ حزب بما لديهم فرحون، فمهدوا الفقه على قاعدة التخريج.

مقارنة بين المدرستين

كان طابع كلتا المدرستين فقهيّا، غير أن مدرسة المدينة كانت تعتمد في الاستنباط الفقهي على النصوص لقيامها في المدينة تلك البلد التي عاش فيها النبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم) و الخلفاء الرّاشدون و أكثر الصّحابة، فالأحاديث فيها كثيرة و الآثار متوافرة، و قد توجّهت هممهم و انشرحت صدورهم لجمع أحاديث الرّسول و آثار الخلفاء الرّاشدين و الصّحابة المقربين بها، فحصل لهم من ذلك الشّي‌ء الكثير أغناهم في كثير عن استعمال الرّأي، فما من مسألة مسائل إلا وجدوا فيها حديثا مرفوعا متّصلا أو مرسلا أو موقوفا، صحيحا أو حسنا أو صالحا للاعتبار، أو وجدوا أثرا من آثار الخلفاء الرّاشدين و الصّحابة عندهم، و قلّما تعرض مسألة ليس فيها نصّ من كتاب أو سنّة أو أثر صحابي و لم يكن عندهم من العمران ما تتّجه به المسائل و تتكاثر فالحياة بمنأى عن المؤثرات الخارجية و الأعراف الأخرى فهي لا زالت يدويّة متكررة، ما يحدث اليوم قد حدث بالأمس القريب أو البعيد، و إن وقعت حادثة ليس لها سابقة و قلّما يكون أعملوا رأيهم على نحو ما كان يفعل سلفهم من الصّحابة مع مراعاة اقتضاء النّصّ و إيمائه، و لم يذهبوا بعيدا، فكانت بذلك أقرب إلى السّنن النّبوية و إلى الحديث.

و أمّا مدرسة الكوفة، فإنّها و إن كانت تقليدية من حيث المبدإ و اعتمادها على الأحاديث و الآثار المروية عن طريق الصحابة الذين عاشوا بينهم و وثقوا بهم إلا أن الأحاديث‌

نام کتاب : الإصابة في تمييز الصحابة نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 59
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست