responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الإصابة في تمييز الصحابة نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 52

و كانت هذه الفضائل المشرقة فيه، من بواعث إيمان المنصفين من أهل الجاهليّة به، و لقد اضطر أن يشهد له بها أعداؤه الألدّاء، كما آمن بها أتباعه الأوفياء.

و مما يذكر بالإعجاب و الفخر لبني الإسلام‌

أنه (صلى اللَّه عليه و سلّم) عرض الإسلام على بني عامر بن صعصعة، و ذلك قبل الهجرة، و قبل أن تقوم للدين شوكة، فقال كبيرهم: أ رأيت إن نحن تابعناك على أمرك، ثم أظهرك اللَّه على من خالفك أ يكون لنا الأمر من بعدك، فأجابه (صلى اللَّه عليه و سلّم) بتلك الكلمة الحكيمة الخالدة: «الأمر للَّه يضعه حيث يشاء» [1]

فقال له كبيرهم: أ فتهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك اللَّه كان الأمر لغيرنا لا حاجة لنا بأمرك.

و هنا تتجلّى سياسة الإسلام، و أنها سياسة صريحة مكشوفة، رشيدة، شريفة لا تعرف الالتواء و الكذب و التّضليل كما تتجلّى صراحة في نبيّ الإسلام و صدق نبي الإسلام، و شرف نبيّ الإسلام، عليه الصلاة و السلام.

العامل العاشر:

سموّ تربية الصّحابة على فضائل الإسلام كلّها، و كمال تأدبهم بآداب هذا الدين الحنيف و شدة خوفهم من اللَّه، و صفاء نفوسهم إلى حدّ لا يتفق و الكذب، خصوصا الكذب على اللَّه تعالى، و التجنّي على أفضل الخليقة (صلوات اللَّه و سلامه عليه).

و إذا استعرضنا تاريخ الصّحابة (رضوان اللَّه عليهم) نشاهد العجب من عظمة تأديب الإسلام لهم، و تربيته إيّاهم تربية سامية جعلتهم أشباه الملائكة يمشون على الأرض لا سيما ناحية الصّدق و الأمانة، و التثبّت و التّحرّي و الاحتياط، و ذلك من كثرة ما قرر القرآن فيهم لهذه الفضائل.

و من عناية الرّسول (صلى اللَّه عليه و سلّم) بهم علما و عملا و مراقبة حتى أصبحوا بنعمة من اللَّه و فضل منطبعة قلوبهم على هذه الجلائل متشبّعة نفوسهم بمبادئ الشّرف و النبل تأبى عليهم كرامتهم أن يقاربوا الكذب أو يقارفوا التّهجم لا سيّما التّهجّم على مقام الكتاب العزيز و كلام صاحب الرسالة (صلى اللَّه عليه و سلّم).

قالت عائشة رضي اللَّه عنها «ما كان خلق أشد على أصحاب رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) من الكذب، و لقد كان رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) يطّلع على الرّجل من أصحابه على الكذب فما ينجلي من صدره حتى يعلم أنه أحدث توبة للَّه عزّ و جلّ» [2].


[1] أخرجه الدار الدّارقطنيّ في السنن 3/ 221 بلفظ الأمر إلى اللَّه- و ذكره العجلوني في كشف الخفاء 1/ 224.

[2] مناهل العرفان في علوم القرآن للشيخ الزرقاني ص 283 و الصفحات التي بعدها بتصرف.

نام کتاب : الإصابة في تمييز الصحابة نویسنده : العسقلاني، ابن حجر    جلد : 1  صفحه : 52
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست