أجمع أهل السّنّة على أن أفضل الصّحابة بعد النّبي (صلى اللَّه عليه و سلّم) على الإطلاق أبو بكر ثم عمر، و ممّن حكى إجماعهم على ذلك أبو العبّاس القرطبي، فقال: و لم يختلف أحد في ذلك من أئمّة السّلف و لا الخلف، فقال: و لا مبالاة بأقوال أهل التّشيّع و لا أهل البدع، انتهى. و قد حكى الشّافعيّ و غيره إجماع الصّحابة و التابعين على ذلك، قال البيهقيّ في كتاب «الاعتقاد»: روينا عن أبي ثور عن الشّافعيّ قال: ما اختلف أحد من الصّحابة و التابعين في تفضيل أبي بكر و عمر و تقديمهما على جميع الصّحابة، و إنما اختلف من اختلف منهم في عليّ و عثمان [5].
و قال العلّامة الكمال بن الهمّام في «المسايرة»: فضل الصّحابة الأربعة على حسب ترتيبهم في الخلافة، إذ حقيقة الفضل ما هو فضل عند اللَّه تعالى، و ذلك لا يطلع عليه إلا رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) و قد ورد عنه ثناؤه عليهم كلهم، و لا يتحقّق إدراك حقيقة تفضيله (عليه السلام) لبعضهم على بعض إن لم يكن سمعيّا يصل إلينا قطعيّا في دلالته إلا الشاهدين لذلك الزمان، لظهور قرائن الأحوال لهم، و قد ثبت ذلك لنا صريحا و دلالة كما في صحيح البخاريّ من حديث عمرو بن العاص حين سأله (عليه السلام):