نام کتاب : الإصابة في تمييز الصحابة نویسنده : العسقلاني، ابن حجر جلد : 1 صفحه : 21
فأخبر النّبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم) أن خير القرون قرنه مطلقا،
و ذلك يقتضي تقديمهم في كل باب من أبواب الخير، و إلّا لو كان خيرا من بعض الوجوه فلا يكونون خير القرون مطلقا [1].
و قد يقول قائل: إن هذه الأدلّة تتناول أصحاب رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) الذين كانوا معه قبل الفتح، و أمّا من أسلم بعد الفتح فلا دليل على عدالتهم، فأسوق جوابا له قول الدّكتور محمّد السّماحيّ: (و أما مسلمة الفتح و الأعراب الوافدون على رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) فهؤلاء لم يتحملوا من السنة مثل ما تحمّل الصّحابة الملازمون لرسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) و من تعرّض منهم للرّواية كحكيم بن حزام، و عتّاب، و غيرهم عرفوا بالصّدق و الدّيانة و غاية الأمانة على أنه ورد ما يجعلهم أفضل من سواهم من القرون بعدهم،
كقوله (صلى اللَّه عليه و سلّم): «خير القرون قرني ثمّ الّذين يلونهم ثمّ الّذين يلونهم ثمّ يفشو الكذب» [2].
و هو حديث صحيح مروي في «الصّحيحين»
و غيرهما بألفاظ مختلفة، و الخيرية لا تكون إلا للعدول الذين يلتزمون الدّين و العمل به. و قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ[3].
و الخطاب الشّفهيّ لصحابة رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) و من حضر نزول الوحي، و هو يشمل جميعهم، و كذلك قوله تعالى: وَ كَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً، لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً[4]، وسطا: عدولا.
فالإسلام كان في أول شبابه فتيّا قويّا في قلوب من أذعنوا له و اتّبعوا هداه، و تمسّكوا بمبادئه، و اصطبغوا بصبغته، فكانت العدالة قوية في نفوسهم شائعة في آحادهم، حتى إننا نرى الذين وقعوا منهم في الكبائر ما لبثوا أن ساقتهم عزائمهم إلى الاعتراف و طلب الحدّ، ليطهروا به أنفسهم، و سارعوا إلى التّوبة حيث تاب اللَّه عليهم، و لا نريد بقولنا: الصحابة عدول- أكثر من أنّ ظاهرهم العدالة [5].
ثناء أهل العلم على الصّحابة
و هذا الثّناء للاستئناس و ليس للتّدليل إذ لا يصحّ القول مع اللَّه عزّ و جلّ و رسوله (صلى اللَّه عليه و سلّم)