أن هارون أخذه، و عبد ربه بن علقمة، و مخول بن إبراهيم النهدي، و كانوا من أصحاب يحيى بن عبد اللّه، فحبسهم جميعا في المطبق، فمكثوا فيه اثنتي عشرة سنة.
حدثني محمد بن الحسين الأشناني، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن مخول بن إبراهيم، قال:
كنت أغمز ساق جدي فقلت له: يا أبي الكبير [1] ما أدق ساقيك!فقال:
دققتها يا يحيى قيود هارون في المطبق.
حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، قال: حدثني مخول، قال:
حبست أنا، و عبد ربه بن علقمة في المطبق، فمكثنا فيه بضع عشرة سنة.
قال: ثم دعاني هارون الرشيد، فمروا بي على عبد ربه بن علقمة، فصاح بي: يا مخول، احذر أن تلقى اللّه و رسوله (ص) و قد شركت في دم ولده، أو دللتهم على أثر يتعلقون به عليه، و إذا مرّ بك هول من عقوباتهم فاذكر عذاب اللّه و عقابه يوم القيامة و الموت!فإنه يسهل عليك. فو اللّه لقد صير قلبي مثل زبرة حديد. و أدخلت على هارون فدعا بالسيف و النطع فقال: و اللّه لتدلّني على أصحاب يحيى أو لأقطعنك قطعا.
فقلت يا أمير المؤمنين، أنا رجل سوقة ضعيف، محبوس منذ أربع سنين، من أين أعرف مواضع أصحاب يحيى و قد تفرقوا في البلاد خوفا منك؟.
فأراد قتلي، فقالوا له: قد صدق فيما ذكر، من أين يعرف مواضع قوم هرّاب؟فردّني إلى محبسي، فمكثت فيه بضع عشرة سنة.
و مما رثي به يحيى بن عبد اللّه بن الحسن، أنشدنيه علي بن إبراهيم العلوي:
يا بقعة مات بها سيّد # ما مثله في الأرض من سيّد
مات الهدى [2] من بعده و الندى # و سمى الموت به معتدي
فكم حيا حزت من وجهه # و كم ندى [3] يحيى به المجتدي