يا هذا: لست تخلو من أن تكون صادقا أو كاذبا، و هو على الحالين قاتلك، إن كنت صادقا فأنت تعرف سوء أثرك عنده، و طلبه لك، و بلوغه في ذلك أقصى الغايات، و حرصه عليه، و حين تقع عينه عليك يقتلك.
و إن كنت كاذبا و إنما أردت الوصول إليه من أجل حاجة لك غاظه ذلك من فعلك فقتلك، و أنا ضامن لك قضاء حاجتك كائنة ما كانت لا أستثني شيئا.
فقلت: أنا صباح الزعفراني، و اللّه الذي لا إله إلاّ هو ما لي إليه حاجة، و لو أعطاني كل ما يملك ما أردته و لا قبلته، و قد صدقتك فإن أخبرته و إلاّ توصلت إليه من جهة غيرك.
فقال: اللهم اشهد اني بريء من دمه، ثم وكّل بي جماعة من أصحابه و قام فدخل، فما ظننت أنه وصل إليه حتى نودي: هاتوا الصباح الزعفراني.
فأدخلت إلى الخليفة فقال لي: أنت صباح الزعفراني؟قلت: نعم.
قال: فلا حيّاك اللّه و لا بيّاك، و لا قرّب دارك، يا عدو اللّه، أنت الساعي على دولتي، و الداعي إلى أعدائي؟.
قلت: أنا و اللّه هو، و قد كان كل ما ذكرته.
فقال: أنت إذا الخائن الذي أتت به رجلاه، أتعترف بهذا مع ما أعلمه منك، و تجيئني آمنا؟.
فقلت: إني جئتك مبشرا و معزيا.
قال: مبشرا بماذا؟و معزيا بمن؟.
قلت: أما البشرى فبوفاة عيسى بن زيد.
و أما التعزية ففيه لأنه ابن عمك و لحمك و دمك.
فحول وجهه إلى المحراب و سجد و حمد اللّه، ثم أقبل عليّ و قال: و منذ كم مات؟قلت: منذ شهرين.