فقلت: أعظم بها مصيبة، رحمه اللّه، فلقد كان عابدا ورعا، مجتهدا في طاعة اللّه، غير خائف لومة لائم.
قال: أ فما علمت بوفاته؟قلت: بلى. قال: فلم لم تبشرني بوفاته؟.
فقلت: لم أحب أن أبشرك بأمر لو عاش رسول اللّه (ص) فعرفه لساءه.
فأطرق طويلا ثم قال: ما أرى في جسمك فضلا للعقوبة، و أخاف أن أستعمل شيئا منها فيك فتموت و قد كفيت عدوي، فانصرف في غير حفظ اللّه، و اللّه لئن بلغني أنك عدت لمثل فعلك لأضربن عنقك.
قال: فانصرفت إلى الكوفة فقال المهدي للربيع: أما ترى قلّة خوفه و شدّة قلبه، هكذا يكون و اللّه أهل البصائر.
قال علي بن جعفر: و حدثني أبي، قال:
اجتمعت أنا، و إسرائيل بن يونس، و الحسن، و علي ابنا صالح بن حي، في عدة من أصحابنا، مع عيسى بن زيد، فقال له الحسن بن صالح بن حي: متى تدافعنا بالخروج و قد اشتمل ديوانك على عشرة آلاف رجل؟.
فقال له عيسى: ويحك، أتكثر عليّ العدد و أنا بهم عارف، أما و اللّه لو وجدت فيهم ثلثمائة رجل أعلم أنهم يريدون اللّه عزّ و جلّ، و يبذلون أنفسهم له، و يصدقون للقاء عدوه في طاعته، لخرجت قبل الصباح حتى أبلي عند اللّه عذرا في أعداء اللّه، و أجري أمر المسلمين على سنّته و سنّة نبيه (ص) ، و لكن لا أعرف موضع ثقة يفي ببيعته للّه عزّ و جلّ، و يثبت عند اللقاء! قال: فبكى الحسن بن صالح حتى سقط مغشيا عليه.
قال: و حدثني أبي، قال:
دخلت على عيسى بن زيد و هو يأكل خبزا و قثاء، فأعطاني رغيفين و قثائتين