أنّ أبا حنيفة كتب إلى إبراهيم بن عبد اللّه لما توجّه إلى عيسى بن موسى:
إذا أظفرك اللّه بعيسى و أصحابه فلا تسر فيهم سيرة أبيك في أهل الجمل فإنه لم يقتل المنهزم، و لم يأخذ الأموال، و لم يتبع مدبرا، و لم يذفّف على جريح؛ لأن القوم لم يكن لهم فئة، و لكن سر فيهم بسيرة يوم صفين، فإنه سبى الذرية، و ذفف على الجريح، و قسم الغنيمة، لأن أهل الشام كانت لهم فئة، و كانوا في بلادهم.
فظفر أبو جعفر بكتابه، فسيره و بعث إليه فأشخصه، و سقاه شربة فمات منها، و دفن ببغداد [1] .
أخبرني محمد بن زكريا الصحاف، قال: حدثنا قعيب بن محرز، عن المدائني:
أن عبّاد بن العوام [2] خرج إلى إبراهيم بن عبد اللّه، و شهد معه حربه، فلما ظفر أبو جعفر و قتل إبراهيم، طلبه، فسأله فيه المهدي فوهبه له، و قال: لا تظهرن و لا تحدثن. فقال الناس: هذا رجل من أهل العلم خرج مع إبراهيم فيأخذون عنه الفتيا، فلم يزل متواريا حتى مات أبو جعفر، و أذن له المهدي في الظهور و الحديث، و ظهر و حدّث [3] .
حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا أحمد بن حازم، قال: حدثنا أبو نعيم، و أخبرنا يحيى بن علي، و رواه أبو زيد، قالوا: حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدثنا القاسم بن أبي شيبة، عن أبي نعيم، قال:
[1] توفي أبو حنيفة ببغداد في رجب سنة خمسين و مائة و هو يومئذ ابن سبعين سنة.
[2] ولد عباد سنة 118 و ترجمته في تهذيب التهذيب 5/99-100 و تاريخ بغداد 11/104-106.
[3] في تهذيب التهذيب: «قال ابن سعد: كان يتشيع فأخذه هارون فحبسه ثم خلى عنه. فأقام ببغداد، و مات سنة خمس و ثمانين و مائة» .