فرفعوا الهرادي فيها النيران، و نادوا بشعارهم شعار رسول اللّه: «يا منصور أمت» ، فما زالوا كذلك حتى أصبحوا، فلما أصبحوا بعث زيد-عليه السلام- القاسم بن عمر التبعي، و رجلا آخر، يناديان بشعارهما. و قال سعيد بن خيثم في رواية القاسم بن كثير بن يحيى بن صالح بن يحيى بن عزيز بن عمرو بن مالك بن خزيمة التّبعي و سمى الآخر الرجل، و ذكر أنه صدام.
قال سعيد: و بعثني أيضا و كنت رجلا صيّتا أنادي بشعاره.
قال: و رفع أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني هرديا من ميمنتهم، و نادى بشعار زيد. فلما كانوا في صحارى عبد القيس لقيهما جعفر بن العباس الكندي، فشدوا عليه، و على أصحابه فقتل الرجل الذي كان مع القاسم، و ارتثّ القاسم فأتى به الحكم بن الصلت فكلّمه فلم يرد عليه، فأمر به فضربت عنقه على باب القصر، و كان أول قتيل منهم رضوان اللّه عليه.
قال سعيد بن خيثم: قالت بنته سكينة:
عين جودي لقاسم بن كثير # بدرور من الدموع غزير
أدركته سيوف قوم لئام # من أولي الشرك و الردى و الشّرور
سوف أبكيك ما تغنّى حمام # فوق غصن من الغصون نضير
قال أبو مخنف: و قال يوسف بن عمر و هو بالحيرة: من يأتي الكوفة فيقرب من هؤلاء فيأتينا بخبرهم؟.
قال عبد اللّه بن العباس المنتوف الهمداني [1] : أنا آتيك بخبرهم، فركب في خمسين فارسا، ثم أقبل حتى أتى جبانة سالم فاستخبر، ثم رجع إلى يوسف فأخبره، فلما أصبح يوسف خرج إلى تل قريب من الحيرة فنزل[عليه و] [2] معه قريش، و أشراف الناس، و أمير شرطته يومئذ العباس بن سعيد المزني [3] .
قال: و بعث الريان بن سلمة البلوي [4] في نحو من ألفي فارس و ثلثمائة
[1] في الطبري 8/273 «فقال جعفر بن العباس الكندي أنا» .